وإذا اردت بأختصار شديد :
الجـمـع بـيـن الصـلاتـيـن
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
من التهم الكثيرة على الشيعة الإمامية الجعفرية مسألة ابتداع الجمع بين الصلاتين وهي صلاة الظهر والعصر أو صلاة المغرب والعشاء.
أقول بأن الشيعة ليست على خلاف السنة النبوية بل هم الامتداد الصحيح لها لأن رسول الله (صل الله عليه وآله) كان يجمع حيناً ويفرق حيناً آخر. وهناك الكثير من روايات أهل العامة التي تدل على هذا الأمر بكل وضوح:
1- روى أحمد بن حنبل في مسنده )ج2 ص221( عن ابن عباس أنه قال: صلى رسول الله (صل الله عليه وآله) في المدينة مقيماً مسافر سبعاً وثمانياً.
2- روى مسلم في صحيحه (حديث رقم 57) مسنده عن عبدالله بن شقيق, قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم, فجعل الناس يقولون الصلاة...الصلاة, فلم يعتن ابن عباس بهم, فصاح في هذه الأثناء رجل من بني تميم, لا يفتر ولا ينثني... الصلاة... الصلاة, فقال ابن عباس أتعلمنا بالسنة؟ لا أم لك؟! ثم قال: رأيت رسول الله (صل الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
3- عن صحيح مسلم حديث (58) عن عبدالله بن شقيق العقيلي قال: قال رجل لإبن عباس لما طالت خطبته.. الصلاة! فسكت. ثم قال: الصلاة فسكت, ثم قال: لا أم لك أتعلمنا بالصلاة وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (صل الله عليه وآله).
4- روى الزرقاني (وهو من كبار علمائهم) في كتابه ((شرح موطأ مالك ج1ص263) باب الجمع بين الصلاتين) عن النسائي عن طريق عمر بن هرم عن بن الشعثاء, أنه قال: إن ابن عباس كان يجمع بين صلاتي الظهر والعصر, وصلاتي المغرب والعشاء في البصرة وكان يقول: هكذا كان صلى رسول الله (صل الله عليه وآله).
5- وروى مسلم في صحيحه و مالك في الموطأ وأحمد بن حنبل في المسند والترمذي في صحيحه في باب الجمع بين الصلاتين بأسنادهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صل الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. فقيل لابن عباس ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته.
بل وحتى البخاري في صحيحه روى روايات كثيرة بهذا المعنى في باب (تأخير الظهر والعصر) في كتاب مواقيت الصلاة, وفي باب (ذكر العشاء والعتمه) وباب (وقت المغرب) كل هذه الروايات المتعددة تثبت جواز الجمع بين الصلاتين من غير عذر ولا سفر بل يجوز في كل وقت حتى في الحضر ومع العذر ومع عدمه. وهذا النقل لا يدل إلاّ على صحة هذه الروايات وإلاّ لما نقلوها في مسانيدهم؟؟
ومع الأسف فإن هذا يدل على عدم التزام علماء العامة بالروايات الصريحة وتأويلها إلى غير مأدّاها ومعناها الحقيقي. فتارة يؤولونها على أنها روايات مطلقة في الجمع بين الصلاتين ولعلها تقصد وقت العذر مثل الخوف والمطر وحدوث الطين والوصل, وعلى هذه التأويلات أفتى علماء العامة بعدم جواز الجمع بين الصلاتين لحجة وجود السحاب ولا يعرف متى ستمطر!! ونسوا أن على النبي (صل الله عليه وآله) لا تعدمه السحاب وهو العالم الربانيّ الإلهي.
النتيجة هي أن كل هذه التأويلات التي لا تحتاج إلى نظر عميق تبين وتوضح ذهاب علماء العامة إلى خلاف ظاهر هذه الروايات الصريحة.
أما موقف علماء الشيعة الإمامية فإنهم تبعاً للأئمة الأطهار من آل النبي المختار (صل الله عليه وآله) الذين جعلهم الله ميزاناً لمعرفة الحق وتمحيصه والتمسك بهم والقرآن أمان من الفرقة, أفتوا بجواز الجمع بين الصلاتين مطلقاً, جمع تقديم أو جمع تأخير والخيار بيد المصلىّ تسهيلاً عليه ودفعاً للحرج عنه.
بقلم سماحة السيد حيدر الحائري