كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 06-12-2010, 07:25 PM   #32
النوراء
~¤ مشرفة سابقة ¤~
 
الصورة الرمزية النوراء
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: سيهآآت
العمر: 31
المشاركات: 267
معدل تقييم المستوى: 31
النوراء is a splendid one to beholdالنوراء is a splendid one to beholdالنوراء is a splendid one to beholdالنوراء is a splendid one to beholdالنوراء is a splendid one to beholdالنوراء is a splendid one to behold
افتراضي رد: ألم ذلك الحسين ,, رواية رآئعة لـ كمال السيد

12

نسور مجنونة تحوم في السماء ، وريح عاصف تهب من ناحية الصحراء ،

وبدت أشجار النخيل كرماح مركوزة في خاصرات الفرات .

بدا الجوّ مشحوناً بالخطر ، ومثلما تندلع الصواعق بين أكوام السحب ،

تدفقت سهام مجنونة تحمل في أنصالها الموت .

هتف الحسين بأنصاره :

-قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابدّ منه ، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم .

هبّت رجال كانوا ينتظرون على أحرّ من الجمر .

كيف أصبح الموت أمنية لهم ؟. كيف أضحى في نظرهم خلوداً ..

كيف تحولت الصحراء الملتهبة إلى جنات تجري من تحتها الأنهار .


غاص الرجال في أحراش كثيفة من رماح وسيوف .

كانوا يقاتلون بضراوة لا نظير لها . أكما لو كانوا يريدون توجيه مسار التاريخ الاتجاه الذي ينشدون .

امتلأ الجوّ غباراً ودخاناً ، وكانت السيوف تهوي كبروق مشتعلة ،

وعندما غادر الغبار أرض المعركة ، كان هناك خمسون صريعاً يعالجون جراحاتهم في الرمضاء ..

الجراح تسقي الأرض .. والدماء تروي شجرة الحريّة ..

شجرة أصلها ثابت في أعماق التراب ، وفرعها في هامة السماء .

تمتم الحسين متألماً :

-اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً ، واشتد غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة ،

واشتد غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه ، واشتد غضبه على

قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم ... أما والله لا أجيبهم إلى شيء

مما يريدون حتى ألقى الله وأنا مخضب بدمي .


هجم الأبرص على إحدى الخيام ، وقد اشتعلت في عينيه شهوة النهب ،

وهاج شيطان يعربد في أعماقه :

-عليَّ بالنار لأحرقه على أهله ... .

القلوب الصغيرة الخائفة فرّت مذعورة من الخيمة كطيور هاربة من سفن بعيدة غرقت .

صاح الحسين :

-يابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ..

أحرقك الله بالنار .

واستنكر شبث بن ربعي الحضيض الذي وصل إليه رفيقه .

-أمرعباً للنساء صرت ؟! ما رأيت مقالاً أسوأ من مقالك ، ولا موقفاً أقبح من موقفك ...

وتمتم وهو يعضّ على يده :

-قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ،

ثم عدونا على ولده – وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية

الزانية ! ... ضلال ... يا لك من ضلال !!

توسطت الشمس كبد السماء ، والقبائل تتخطف القافلة ...

التفت ((أبو ثمامة الصائدي)) إلى الحسين . قال بخشوع :

-نفسي لك الفداء . إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك . لا والله لا تقتل حتى أُقتل دونك .

وأحب أن ألقى الله وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها .

رفع الحسين رأسه إلى السماء وألقى نظرة على الشمس :

-ذكرت الصلاة .. جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم هذا أول وقتها ...

وأردف وهو يجفف حبّات عرق تلتمع فوق جبينه :

-سلوهم أن يكفّوا عنا حتى نصلّي .

هتف ابن نمير وكان فظاً غليظ القلب :

-إنها لا تقبل !

أجاب حبيب بن مظاهر غاضباً :

-زعمت أنها لا تقبل من آل الرسول وتقبل منك يا حمار !


عربد الشيطان في أعماق ((ابن نمير)) ، فأقحم الفرس نحو ((حبيب)) وحبيب

واقف كالجبل لم يكترث بالجموع وهي تنحدر نحوه .

وتخطفته سيوف القبائل ...

وانسابت دماؤه قانية فوق رمال الصحراء تروي لها أروع قصص الوفاء والتضحية والفداء .

واسترجع الحسين كثيراً :

-عند الله أحستب نفسي وحماة أصحابي .

القبائل تموج كأنها ريح صفراء تحمل في طياتها الموت ، والحسين وسط الإعصار

يصلّي بأصحابه الصلاة الأخيرة ..

السماء تفتح أبوابها للقافلة القادمة ، والفضاء يزخر بأجنحة الملائكة ..

ونسائم طيبة تحمل رائحة الربيع .. ربيع جنّات الفردوس .

التفت الحسين إلى أصحابه وهو يشير إلى مسار القافلة :

-يا كرام هذه الجنّة قد فتحت أبوابها ، واتصلت أنهارها ، وأينعت ثمارها ،

وهذا رسول الله ، والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقّعون قدومكم

ويتباشرون بكم ، فحاموا عن دين الله ، ودين نبيّه وذبّوا عن حرم الرسول ...


القافلة التي اكتشفت ينابيع الخلد تهبّ للخطى الأخيرة :

-نفوسنا لنفسك الفداء ، ودماؤنا لدمك الوقاء .

فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء وفينا عرق يضرب .


السماء تفتح أبوابها ، والرجال يعرجون .

تقدم ((أبو ثمامة)) إلى المعراج ، وما أسرع أن حلّق إلى السماوات مخلِّفاً وراءه برْكة من دماء قانية .

ومن بعده انطلق ((زهير)) . وضع يده فوق منكب الحسين ، وأنشد :

أقدم هديـت هاديــاً مهديــاً


فـاليـوم ألقـى جـدّك النبيّــا



وحسنــاً والمرتضــى عليــاً



وذا الجنـاحـين الفتى الكميّــا



وأسـد الله الشهيــد الحيّــا


-وأنا ألقاهما على أثرك .

وما أسرع أن لحق برفاقه . القافلة تطوي السماوات ..

تتخطى الكواكب والأفلاك .. في عروج ملكوتي فريد .

وقف الحسين عند مصرعه ، وقال متأثراً :

-لا يبعدنك الله يا زهير ولعن قاتليك لعْن الذين مسخوا قردة وخنازير .

واستعد ((نافع الجملي)) للرحيل ، فغاص في أعماق القبائل وانهمرت عليه

الحجارة من كل صوب ، فتهشم عضداه ، وسيق أسيراً .

كانت الدماء تنزف منه ، وقد صبغته بحمرتها المشتعلة .

قال ابن سعد بلهجة ينمّ منها الإعجاب ببسالته :

-ما حملك على ما صنعت بنفسك ؟!

إن ربي يعلم ما أردت .

-أما ترى ما بك ؟!

-والله لقد قتلتُ منكم اثني عشر سوى من جرحت ، وما ألوم نفسي على

الجهد .. ولو بقيت لي عضد ما أسرتموني .

جرّد الأبرص سيفه وقد برقت عيناه حقداً .. فقال نافع بطمأنينة :

-والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا ...

فالحمد لله الذي جعل منايانا على أيدي شرار خلقه ... .

هوى السيف بقسوة ، وتدحرج الرأس فوق الرمال ، وعيناه تنظران باتجاه عوالم لا نهائية ،

وقد ارتسمت ابتسامة هادئة فوق شفتين ذابلتين من الظمأ .

ونادى رجل من القبائل :

-يا برير ، كيف ترى صنع الله بك ؟

أجاب برير وهو ينظر إلى ما وراء غبار الزمان :

-صنع بي خيراً وصنع بك شرّاً .

-كذبت وقبل اليوم ما كنت كذابا . أتذكر يوم كنت أماشيك في ((بني لوذان))

وأنت تقول : كان معاوية ضالاً وإن إمام الهدى علي بن أبي طالب ؟

-بلى أشهد أن هذا رأيي .

-وأنا أشهد أنك من الضالّين .

-تعال نبتهل إلى الله فيلعن الكاذبَ منا ويقتله .

توجهت أيد مع قلوب إلى السماء تستمد النصر ، وارتفعت أيد جذّاء .

فتقبِّل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر . وبدأت المنازلة ...

هوى برير بسيف يشبه صاعقة مدمّرة ..

فهوى الرجل الذي حاقت به اللعنة إلى الأرض كأنما خرّ من شاهق .


،


يتبع ~>

__________________
عظم الله لكم الأجر

لكم وحشة فاطميات ..
النوراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مذا يقول السيد كمال الحيدري في أم المؤمنين عائشة nono moon أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) 4 20-09-2010 12:03 PM
كلام رأس الأمام الحسين (ع) حور عين أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) 3 17-07-2010 03:20 AM
إصدار جديد الدر المنتقى من كلام السيد الرضا مهندسة اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 1 25-01-2010 08:28 PM


الساعة الآن 03:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir