مناورات طبية من أسرار المهنة

[سر المكنون]

مناورات طبية من أسرار المهنة

مناورات طبية من أسرار المهنة

ما أكثر ما نرى المرضى الذين يتنقلون بين عيادات الأطباء أملاً بالشفاء عندما يعجز الطبيب الأول عنه سواء كان مخطئاً أو مصيباً .
فقد يكون المرض من النوع المتردد أو المزمن وقد يكون مرضاً عضالاً لا شفاء منه , ولكن كيف يتعامل الطبيب مع هؤلاء المرضى ؟ وكيف يحتفظ لزملائه الأطباء بماء وجههم وسمعتهم الطبية ؟
يجب أن يكون صادقاً مع المريض دون جرح مشاعره أو تخويفه وكذلك يجب أن يكون مصححاً لأخطاء زميله الطبيب الآخر دون النيل منه ومن صحة معلوماته في آن واحد وهذا ما يحتاج لمناورة طبية بأسلوب لبق ومخلص .
وعدم الشفاء من المرض له عدة أسباب أهمها :
1 . فشل التشخيص ومعرفة السبب من قبل الطبيب
2 . دواء خاطئ ناجم عن الحالة السابقة
3 . جهل بكيفية استخدام الدواء الصحيح من قبل المرضى
4 . كسل المريض بإتباع تعليمات الطبيب رغم معرفته بها
5 . عدم الالتزام بالحمية المرافقة وخاصة الممنوعات من أغذية وألبسة وغيرها
6 . تعود بعض المرضى على الأدوية وبطلان تأثيرها بأجسامهم
7 . عدم صراحة الطبيب مع المريض عندما يكون المرض مزمن أو متردد أو لا شفاء منه
8 . عدم وجود الثقة بين الطبيب ومريضه الناجمة عن عدم راحة المريض النفسية مع طبيبه.
فإذا أخذ الطبيب بالحسبان هذه الأمور مجتمعة يتحتم عليه أولاً طمأنة المريض عن إمكانية شفائه هذه الحالة أم لا بكل صدق ووضوح ليرتاح المريض الخائف والمحتار وإذا كان المرض متردد أو مزمن يوضح لمريضه هذا ويرشده إلى الطرق والوسائل التي تخفف من تردد هذا المرض أو إزمانه ليخفف عنه وطأة الصدمة . أما إذا كان المرض مستعصياً على العلاج فعليه أن يوضح هذا للمريض ولكن بأسلوب بعيد عن التخويف والتهويل مع شحنه بطاقة الأمل بمتابعة حالته في آخر الدراسات والأبحاث التي تتم عالمياً وتعرض في المؤتمرات وعلى شبكة الأنترنيت العالمية حتى يظل بريق الأمل نبراساً يهديه في ظلمات مرضه الحالكة .
أما ماذا يتحدث عن زميله الذي أخطأ ؟ وكيف يتعامل مع خطئه ؟
غالباً لا يكون الخطأ مقصوداً لأنه ما من طبيب لا يريد أن يكسب ثقة مرضاه وشفاءهم , ولكن هناك أسباب لهذا الخطأ وأغلبها هي :
1 . جهل المريض نفسه وعدم إعطاء صورة واضحة بالاستجواب عن المرض
2. كثرة انشغال الطبيب وعدم إعطاء المريض الفرصة للحديث ووصف أعراضه
3 . خجل المريض الزائد ومنع الطبيب من فحصه جيداً
4 . تشابه الأعراض والعلامات في كثير من الأمراض والتباس التشخيص وتنوعه بين عدة أطباء لحين إجراء تحاليل خاصة أو صور شعاعية مناسبة أو تطور الحالة المرضية
5 . تفاوت العلم والتحصيل والمحاكمة العقلية والإدراك وسرعة البديهة والذكاء والحكمة بين الأطباء أنفسهم كباقي البشر في باقي المهن .
ولكن مهما كان السبب يجب أن يلتزم الطبيب بأخلاق المهنة الإنسانية فيفيد مريضه دون التجريح بزملائه الأطباء فإذا كان خطأً في التشخيص يعالج المريض ويقول لكل رأيه وأنا رأيي كذا , أما إذا كان الخطأ من المريض يبين له ذلك ويحثه على تناول العلاج جيداً بانتظام وإتباع تعليمات الطبيب بحذافيرها دون كسل أو عناد وقد يضطر الطبيب استبدال بعض الأدوية أو كلها لحاجة المرضى نفسياً للمناورة الطبية بتغيير الشكل أو المضمون أو كليهما معاً بهدف الوصول للشفاء بأسرع ما يمكن وتصحيح الأخطاء السابقة وملء الثغرات .
أما عندما يكون الخطأ فادحاً لا يمكن السكوت عنه كأن يسبب الضرر للمريض بشتى درجاته لا بد هنا من التشديد على إيقاف جميع الأدوية السابقة واستبدالها بما فيه الفائدة والاتصال مع الطبيب المخطئ بعد ذهاب المريض وتوضيح ذلك له فإذا اعترف بخطئه وتعلم منه لا حاجة لفضحه وتأليب المرضى عليه أما إذا عند وأصر أو كرر الخطأ لا بد من إشراك أطباء زملاء مقربين لكلا الطرفين للوقوف بوجه الخطأ وإلا ترفع القضية إلى نقابة الأطباء للتدخل وحماية هذا الطبيب من نفسه وأخطائه وبالتالي لحماية بقية المرضى من الوقوع في نفس المطب والضرر حيث تبقى مصلحة المريض المحتاج للشفاء فوق أي اعتبار ويبقى الطب مهنة إنسانية للمريض والطبيب على حد سواء .

د . هدى برهان