انتفاضة مذحج:

ولمّا شاع اعتقال هانىَ اندفعت قبائل
مذحج نحو قصر الامارة ، وقد قاد جموعها الانتهازي القذر عمرو بن الحجاج ، وهو من أذناب السلطة
العباس بن علي رائد الكرامة والفداء136 
ومن أحقر عملائها ، وقد رفع عقيرته ليسمعه ابن زياد قائلاً:

« أنا عمرو بن الحجاج ، وهذه فرسان
مذحج ، ووجوهها لم نخلع طاعة ، ولم نفارق جماعة.. ».

وحفل كلامه بالخنوع والمسالمة للسلطة ، وليس فيه أي اندفاع لاِنقاذ هانئ ، وانّما فيه التأييد والدعم لابن زياد ، ولذا لم يكترث به ، وأوعز إلى شريح القاضي ، وهو من وعاظ السلاطين ، ومن دعائم الحكم الاَموي فأمره أن يدخل على هانئ ، ويخرج لهم ، ويخبرهم بأنّه حيّ سالم وانّه يأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ، ودخل على هانئ فلما بصر به صاح مستجيراً:

« ياللمسلمين أهلكت عشيرتي!! أين أهل الدين ، أين أهل المصر ، أيخلوني وعدوهم.. ».

والتفت إلى شريح ، وقد سمع أصوات أسرته قائلاً:

« يا شريح انّي لاَظنّها أصوات
مذحج وشيعتي من المسلمين ، انّه إن دخل عليَّ عشرة نفر أنقذوني.. ».

وخرج شريح الذي باع آخرته وضميره على ابن مرجانة ، فقال لمذحج:

« نظرت إلى صاحبكم ، انّه حي لم يقتل.. ».

وبادر ابن الحجاج عميل الاَمويين وخادمهم فرفع صوته لتسمعه
مذحج قائلاً:

« إذا لم يقتل فالحمد لله.. ».

وولّت قبائل
مذحج منهزمة كأنّما أتيح لها الخلاص من سجن ، وقد صحبت معها الخيانة والخزي ، ومن المؤكّد أن هزيمة
مذحج بهذه السرعة كانت نتيجة اتفاق سرّي بين زعمائها وبين ابن مرجانة للقضاء على هانىَ ،
العباس بن علي رائد الكرامة والفداء137 
ولولا ذلك لهجمت على السجن وأخرجته.

لقد تنكّرت
مذحج لزعيمها الكبير الذي كان محسناً عليها فلم تف بحقوقه ، وتركته أسيراً بيد الاِرهابي ابن مرجانة ، وهو يمعن في إذلاله وقهره ، في حين أن
مذحج كانت لهم السيادة على الكوفة
منقول