بسم الله الرحمن الرحيم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَّآل مُحَمَّد وَعَجِّل فَرَجَهُم
وَالْعَن اعْدَائِهِم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا وَبَعْلِهَا
وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتمة ل آداب السوق والتجارة
البائع في السوق
للعمل في السوق حسنات كثيرة لأن العمل فيه
يعد تجارة والتجارة مستحبة، وإن السوق هو ملاذ الفقراء
عند شح المعيشة، وقلة فرص العمل.
وقد أمر أئمتنا عليهم السلام بعض شيعتهم عند
ضيقهم أن يعملوا في الأسواق بما يرضي الله
(عز وجل).
في الرواية أن أحدهم قال للإمام الصادق عليه السلام:
إنه كان في يدي شيء تفرق وضقت ضيقاً شديداً.
فسأله الإمام عليه السلام: ألك حانوت في السوق؟
فقال له: نعم.
فقال عليه السلام: "إذا رجعت إلى الكوفة فاقعد
في حانوتك..".
ولذا ورد النهي لمن يملك تجارة أو حانوتا
أن يتركه أو يدع التجارة.
ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام:
قلت له عليه السلام: إني هممت أن أدع السوق
وفي يدي شيء.
قال عليه السلام: "إذاً يسقط رأيك
ولا يستعان بك على شيء".
فالسوق هو مكان الإحتكاك مع الناس والتعرف
على آرائهم وتوجيهاتهم للإستفادة من تجاربهم
فهو في الحقيقة مدرسة عملية.
مكان البيع في السوق
كثيرا ما نرى البائعين قد اختلفوا على مكان البيع
وكلّ يدّعي أنّ المكان مكانه وأنّه كان يبيع فيه قبل
النزاع أو يكون أحدهم قد تعوّد على وضع عربته
في مكان مدّة ثم يأتي ليجد بائعاً آخر قد وضع
عربته في مكانه، فيختلفان على الأحقيّة وكل يدعيها
ويتهم الآخر باحتلالها.
ولو راجعنا روايات أهل البيت عليهم السلام لوجدنا
أنها تتحدث بأن من سبق إلى المكان فهو
الأحقّ به.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام:
"سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان
فهو أحق به إلى الليل".
آداب البائع
سنستعرض فيما يلي بعض الآداب التي
لا بد للعامل في السوق أن يتحلى بها.
وقد وردت في روايات أهل بيت العصمة والطهارة
عليهم السلام والآداب هي;
الدعاء في السوق
هناك بعض الأدعية التي ورد استحباب ذكرها
في السوق خصوصا للبائع ومن هذه الأدعية.
أ- عند الخروج إلى السوق
في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام:
"فإذا أردت أن تخرج إلى سوقك فصل ركعتين أو أربع
ركعات ثم قل في دبر صلاتك:
توجهت بلا حول مني ولا قوة، ولكن بحولك وقوتك،
أبرأ إليك من الحول والقوة إلا بك، فأنت حولي ومنك قوتي،
اللهم فارزقني من فضلك الواسع رزقا كثيرا طيبا
وأنا خافض في عافيتك فإنه لا يملكها أحد غيرك".
ب- عند دخول السوق
ففي الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام:
"ما من رجل مؤمن يروح أو يغدو إلى مجلسه
أو سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق:
(اللهم إني أسألك من خيرها وخير أهلها)
إلا وكّل الله عزّ وجلّ به من يحفظه ويحفظ
عليه حتى يرجع إلى منزله، فيقول له:
قد أجرت من شرها وشر أهلها يومك هذا بإذن الله
(عز وجل) ، وقد رزقت خيرها وخير أهلها في يومك
هذا...".
ج- عند الجلوس في المتجر
عن الإمام الباقر عليه السلام:
"...فإذا جلس مجلسه قال حين يجلس:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد
أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله،
اللهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا وأعوذ بك
من أن أَظلم أو أُظلم، وأعوذ بك من صفقة خاسرة،
ويمين كاذبة، فإذا قال ذلك قال له الملك الموكل به:
أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر منك حظاً،
قد تعجّلت الحسنات ومحيت عنك السيئات وسيأتيك
ما قسم الله لك موفّّراً حلالاً، طيّباً،
مباركاً فيه".
الوضوح في البيع والشراء
حتى لا يقع المرء في معصية الله (عز وجل)
بغشه للمؤمنين أو يتعرض البائع للإحتيال من المشترين
ينبغي أن تكون الأمور واضحة أثناء البيع
من السلعة والثمن وجودة البضاعة وهكذا...
لذا وردت بعض الروايات التي تنهى عن تصرفات
معينة قد توقع المشتري في الغبن، كأن يبيع الإنسان
بضاعته في الظِلِّ أو العتمة.
فعن الإمام الكاظم عليه السلام:
"يا هشام إن البيع في الظِلِّ غش وإن الغش لا يحلّ"
وكذلك تنهى البائع الذي لا يحسن البيع عن
الجلوس للبيع في الأسواق.
ففي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام:
"لا يقعدن في السوق إلا من يعقل البيع والشراء".
أن لا تلهيه التجارة عن الصلاة
لقد مر بنا ونحن نستعرض الآداب العامة للسوق
أن أمير المؤمنين قد بكى على أهل السوق
المنشغلين بالدنيا والناسين للآخرة،
ولذا فعلى المنشغل بالعمل في السوق أن لا ينسى
وقت الصلاة إذا حانت، بل يترك ما في يديه
من العمل ليلبّي نداء الله (حيّ على الصلاة)
والحذر كل الحذر من تسويفات الشيطان
بأنّ الوقت واسع وسأصلّي بعد قليل عند تفرّق
الزبائن فإنّ ذلك من أساليبه الخادعة حتى ينسيك
نداء الله، أو يحرمك فضيلة الصلاة في وقتها.
وقد ورد في الرواية الشريفة أنّ أحدهم قال
للإمام الرضا عليه السلام:
أكون في السوق فأعرف الوقت ويضيق
عليّ أن أدخل فأصلي.
قال عليه السلام:
"إن الشيطان يقارن الشمس في ثلاثة أحوال:
إذا ذرت، وإذا كبدت، وإذا غربت، فصل بعد الزوال
فإنّ الشيطان يريد أن يوقعك على حد
يقطع بك دونه".
عدم الحلف على السلعة
قال الله تعالى: ﴿
وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ..﴾(البقرة:224).
لا شك في أن الحلف الكاذب محرم شرعاً
ومن غير المحتمل أن يقوم الإنسان المؤمن
بمثل هذه الأعمال المحرمة والقبيحة،
لكن ماذا عن الحلف الصادق؟
هل يستطيع الإنسان أن يحلف في الأمور التجارية
إذا كان صادقاً في كلامه؟
لقد نهانا القرآن الكريم عن الحلف حتى لو كنا صادقين،
وقد أكد الأئمة عليهم السلام على كراهته.
فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام:
"يا معاشر التجار اجتنبوا خمسة أشياء: حمد البايع
وذم المشتري واليمين على البيع وكتمان العيب
والربا، يصح لكم الحلال ويخلصوا
بذلك من الحرام".
وعن أمير المؤمنين عليه السلام:
"إياكم والحلف، فإنه ينفق السلعة ويمحق البركة".
عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين
عليه السلام بالكوفة عندكم يغتدي
كل يوم بكرة من القصر فيطوف في أسواق الكوفة
سوقا سوقا ومعه الدرة
على عاتقه وكان لها طرفان وكانت تسمى السبيبة(1)
فيقف على أهل كل سوق فينادي:
يا معشر التجار اتقوا الله عزوجل فإذا سمعوا صوته
عليه السلام ألقوا ما بايديهم
و ارعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بأذانهم فيقول عليه السلام:
قدموا الاستخارة
وتبركوا بالسهولة( واقتربوا من المبتاعين وتزينوا
بالحلم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتجافوا
عن الظلم وانصفوا المظلومين
ولا تقربوا الربا
وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياء هم
ولاتعثوا في الارض مفسدين.
فيطوف عليه السلام في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع
فيقعد للناس.
تسمى السببية) السب بمعنى الشق ووجه
تسمية درته بذالك لكونها ذاسبابتين وذا شقتين.
عن أبي الجارود عن الاصبغ نباتة قال:
سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول على المنبر:
يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر،
الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه الامة أخفى من دبيب
النمل على الصفا،
شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر والفاجر في النار
إلا من أخذ الحق وأعطى الحق.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"أربع من كنّ فيه طاب مكسبه إذا اشترى لم يعب،
وإذا باع لم يحمد، ولا يدلّّس، وفيما بين ذلك
لا يحلف.
عن ميسر قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام:
إن عامة من يأتيني من إخواني فحد لي من معاملتهم
مالا أجوزه إلى غيره،
فقال: إن وليت أخاك فحسن وإلا فبع بيع
البصير المداق.
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
وصلّ الله على محمد وآل محمد