بسم الله الرحمن الرحيم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَّآل مُحَمَّد وَعَجِّل فَرَجَهُم
وَالْعَن اعْدَائِهِم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا وَبَعْلِهَا
وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تتمة ل آداب السوق والتجارة
حرم الحريص خصلتين ولزمته خصلتان
حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي،
عن أبيه يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال:
حرم الحريص خصلتين، ولزمته خصلتان:
حرم القناعة فافتقد الراحة، وحرم الرضا فافتقد اليقين.
آداب المشتري
هناك نوعان من الناس ممن يقصد السوق
الأول: من يقصده لحاجة له فيه كأن يقصده لشراء
احتياجاته أو رؤية أحدهم فيه.
والثاني: من يقصده لأجل العمل كأن يكون له
حانوت فيه أو عربة يبيع عليها، ولكل من هذين
القسمين آداب خاصة سوف نتعرض لها وسيكون الكلام
أولاً عن آداب من قصد السوق لحاجة له فيه:
1- الثقة بسوق المسلمين
على الإنسان المسلم أن يثق بسوق المسلمين فلا
يسأل عن كل شاردة وواردة أهي حلال أم حرام؟،
وعن كل لحم هل هو ذكي أم لا؟،
بل عليه أن يعطي ثقته بسوقهم بانياً في كل شك
على حلية ما أخذ منها وقد وردت الروايات الكثيرة
مؤكدة على هذا المعنى.
فقد سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام قائلاً:
الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى
في الصلاة فيها؟
فقال له عليه السلام: "صل فيها حتى يقال لك إنها ميتة بعينها".
وعن الإمام أبي الحسن عليه السلام
لما سأله أحدهم قائلاً: أعترض السوق فأشتري
خفاً لا أدري أهو ذكي أم لا.
قال له عليه السلام: "صل فيه...".
فقال له السائل: إني أضيق من هذا.
فقال له الإمام عليه السلام: "أترغب عما كان أبو
الحسن عليه السلام يفعله".
فعندما قال السائل للإمام عليه السلام:
إني أضيق من ذلك.
كان يعني أن نفسيته لا تكون مرتاحة إلا بالتأكد
من حقيقة انه مذكى.
فأجابه الإمام بالجواب القاطع:
"أن لا يجب عليك السؤال".
ولعل في هذه الرواية علاجاً للمصاب بالوسوسة
في أموره.
وعلى كل حال فالثقة بسوق المسلمين تسهيل
على المكلف ومسألة تبعث الطمأنينة في نفس المؤمن
من أن مصدر رزقه هو مصدر أمين وموثوق به.
من تُعامل في السوق؟
بما أن السوق هو مجمع لكل الوافدين للبيع فيه،
فمن الطبيعي أن تتعدد أخلاقهم، وتتباين طباعهم،
فينبغي للداخل إلى السوق للشراء أن يلتفت
لمن يتعامل معه حتى لا يبتلى بالغشاش
أو المطفف أو السارق.
فقد ورد في الحديث الشريف عن
صادق أهل البيت عليهم السلام أنه قال:
"لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير".
فهذه الرواية تعلمنا أن لا يدفعنا الاستعجال
وضيق الوقت إلى أن نشتري من أي بائع
بل من البائع الذي نعرف من سيرته الإستقامة
وحينئذ لا نتعرض لما ذكرناه من الأمور كالسرقة
أو الغش أو الاحتيال أو الاستغلال.
ذكر الله في السوق
1- الذكر عند دخول السوق
فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام
أنه قال: "إذا دخلت السوق فقل:
لا إله إلا الله عدد ما ينطقون، سبحان الله عدد ما يسومون،
تبارك الله أحسن الخالقين (ثلاث مرات)،
سبحان الله عدد ما يبغون، سبحان الله عدد ما ينطقون،
سبحان الله عدد ما يسومون تبارك الله رب العالمين"
وعن الإمام الباقر عليه السلام:
"من دخل السوق فنظر إلى حلوها، ومرها، وحامضها،
فليقل اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن محمد صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله،
اللهم إني أسألك من فضلك وأستجير بك
من الظلم والغرم والمأثم"
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام:
"من قال في السوق:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمد صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله
كتب الله له ألف ألف حسنة".
٢-الذكر عند الشراء
في الرواية عن أحدهما أي الإمام الباقر أو الإمام
الصادق عليهما السلام:
"إذا اشتريت متاعاً، فكبر الله ثلاثا ثم قل:
اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل
لي فيه خيرا، اللهم إني اشتريته ألتمس فيه
من فضلك فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إني اشتريته
التمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقاً"
وفي رواية أن الإمام الرضا عليه السلام:
"كان يكتب على المتاع بركة لنا"
٣- تحديد ما تشتريه
لقد ذكرت الروايات الصادرة عن الرسول الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام
مسألة مهمة وهي أن لا يشتري الإنسان السلعة
بدون كيل كأن يقول له:
بعني ما في هذا الكيس، أي مقدار بلغ بل اللازم
أن يعرف مقداره.
عن أبي جعفر (ع) : انه يكره شراء مالم ير.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"كيلوا طعامكم، فإن البركة في الطعام المكيل"
في خروج المرأة للأسواق
يحرم على المرأة الخروج إلى السوق من غير
ضرورة أو حاجة لقوله تعالى:(وقرن في بيوتكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى). .
فإذا اضطرت المرأة للخروج إلى السوق لعدم
وجود أحد يقوم بشراء مستلزماتها،
فيجب عليها
أن تخرج وهي ساترة لجميع أجزاء بدنها،
غير كاسية عارية، ولا متزينة أو متعطرة،
وتراعي شروط الحجاب الشرعي، وعدم المكوث في
السوق لفترة طويلة، ولا تخضع بالقول
للبائعين، وعليهن أن يتقين الله.
وأن يبتعدن عن مزاحمة الرجال، أو التحدث إليهم
إلا عند الحاجة الملحة، وأن يبتعدن عن إظهار زينتهن،
أو إبراز مفاتنهن وذلك صيانة لكرامتهن،
وحفاظا على أعراضهن,
قال تعالى:
(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
ولا يبدين زينتهن ألا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن) .
غض البصر عن المحرمات، وعن مراقبة المارين
من الناس في أعمالهم
أو تصرفاتهم أو لباسهم، حيث قال الله تعالى:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم).
إن كثرة تردد العبد على الأسواق تعرضه لرؤية
ما لا يرضى الله عز وجل،
فإن الأسواق قلما تسلم من مناظر محرمة،
خصوصاً ما نراه من تسكع نساء هذا الزمان في الأسواق والتبرج
وإظهار الزينة دون حياء. فعلى الرجل إذا دخل السوق
أن يغض بصره
بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها،
لأن الله عز و جل
جعل العين مرآة القلب. فإذا غض العبد بصره،
غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره،
أطلق القلب شهوته وإرادته.
الأمور التي يلزمها التنبه إليها ولو من باب
الاستحباب الوضعي فهي أمور منها:
1 ـ الذهاب مع الزوج أو مع محرم إن أمكن أو
تذهب النساء جماعات لا أن تذهب المرأة لوحدها.
2 ـ الاحتشام وعدم لبس البنطلون لأنها
لا تأمن أن تنكشف عباءتها وترتكب محرماً بذلك وإن لبست بنطلوناً فتلبس تحت العباءة ليحفظها.
3 ـ الاقتصار في الكلام على قدر الضرورة .
4 ـ الذهاب في الأسواق التي يقل فيها الرجال .
5 ـ عدم التعطر.
6 ـ التحفظ من بروز الذراعين أو لبس القفازات
ستر الكفين واجب حتى مع عدم أي محذور
على الأحوط وهو قول السيد الخوئي قدس سره
وإن كان يسبب النظر المحرم وجب عليها ستره
على رأي السيد السيستاني.
إن أحب الأماكن إلى الله تعالى المساجد وإن أبغض
الأماكن إلى الله تعالى الأسواق والسؤال لم كانت الأسواق
أبغض إلى الله تعالى ؟
فاحرصي ختي المؤمنة على أن تكوني مثالا للفضيلة
في كل مكان حتى في الأسواق بسيرك
على هدي أهل البيت عليهم السلام الذي هو طريق
الله الذي منه يتوجه الأولياء.
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
وصلّ الله على محمد وآل محمد