والعن أعدائهم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا
وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
تتمة ل :: الزنى ::

عن ابن بكير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:
في قول رسول الله صلى الله عليه وآله:
إذا زنا الرجل فارقه روح الايمان، قال:
قوله عز وجل: " وأيدهم بروح منه "
ذلك الذي يفارقه.
عن السمندي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لما أقام العالم الجدار
أوحى الله إلى موسى أني مجاز الأبناء بسعي الاباء
إن خير فخير، وإن شر فشر، لا تزنوا فتزني نساؤكم
ومن وطئ فرش امرئ مسلم وطئ فراشه،
كما تدين تدان.
عن ابن أسباط عن بعض أصحابه،
عن أبي عبد الله (ع) قال: ما ابتلى الله به شيعتنا
فلن يبتليهم بأربع: بأن يكونوا لغير رشدة،
أو أن يسألوا بأكفهم، أو أن يؤتوا في أدبارهم،
أو أن يكون فيهم أخضر أزرق.
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
إذا سئلت المرأة من فجر بك؟ فقالت: فلان،
ضربت حدين حدا " لفريتها وحدا "
لما أقرت على نفسها.
عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله ع):
الزنا أشر أم شرب الخمر؟
وكيف صار في الخمر ثمانين وفي الزنا مائة؟
قال: يا إسحاق الحد واحد أبدا، وزيد هذا لتضييعه
النطفة ولوضعه إياها
في غير موضعها الذي أمر الله به.
في علل محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام:
علة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب لمباشرة
الزنا، واستلذاذ الجسد كله به، فجعل الضرب عقوبة له،
وعبرة لغيره، وهو أعظم الجنايات.
عن سعد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام:
الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة،
لأنهما قد قضيا الشهوة، وعلى المحصن
والمحصنة الرجم.
عن أبي جعفر ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع):
لا يرجم رجل ولا امرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهود
على الايلاج والاخراج، قال: وقال:
لا أحب أن أكون أول الشهود الأربعة على الزنا،
أخشى أن ينكل بعضهم فأُجلد.
عن علي بن أشيم عمن رواه من أصحابنا،
عن أبي عبد الله (ع) أنه قيل له:
لم جعل في الزنا أربعة من الشهود؟
وفي القتل شاهدان؟
فقال: إن الله عز وجل أحل لكم المتعة،
وعلم أنها ستنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطا "
لكم، ولولا ذلك لأتي عليكم وقل ما يجتمع
أربعة على شهادة بأمر واحد.
في علل ابن سنان، عن الرضا (ع):
جعلت الشهادة أربعة في الزنا، واثنان في سائر الحقوق،
لشدة حصب المحصن، لأن فيه القتل فجعلت
الشهادة فيه مضاعفة مغلظة، لما فيه من قتل نفسه،
وذهاب نسب ولده، و لفساد الميراث.
عن أبي جعفر (ع) قال: قضى علي (ع) في رجل تزوج
امرأة رجل: أنه ترجم المرأة ويضرب الرجل الحد:
وقال: لو علمت أنك علمت به لفضحت
رأسك بالحجارة.
زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها
للفساد والتلف فهو يهيج العداوات،
ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني،
ذلك أن الغيرة التي طبع عليها الإنسان على محارمه
تملأ صدره عند مزاحمته على موطوءته،
فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار
المحاربات؛ لما يجلبه هتك الحرمة للزوج وذوي
القرابة من العار والفضيحة الكبرى،
ولو بلغ الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت
كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت.
قال سعد بن عبادة; (( لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته
بالسيف غير مصفح.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
(( أتعجبون من غيرة سعد ! والله لأنا أغير منه،
والله أغير مني؛ ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش
ما ظهر منها وما بطن ))
للزنا أثر على محارم الزاني، فشعور محارمه بتعاطيه
هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ويسهل عليهن
بذل أعراضهن إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً
من تربية دينية صادقة.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه، ولا يرضاه لغيره؛
فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه،
وتساعده على أن يكون بيته طاهرا
نقيا عفيفا.
عن علي، عن أخيه قال: سألت أبا عبد الله (ع);
عن رجل تزوج بامرأة ولم يدخل بها، ثم زنى،
ما عليه؟ قال: يجلد الحد، ويحلق رأسه،
وينفى سنة.
وسألته عن رجل طلق أو بانت امرأته ثم زنى،
ما عليه؟ قال: الرجم.
وسألته عن امرأة طلقت فزنت بعدما طلقت بسنة
هل عليها الرجم؟
قال: نعم.
هل يجوز للمرأة المتزوجة أن تحب غير زوجها
وإذا لم يكن لها ذلك فما ذنبها وقلب الإنسان
ليس ملك يديه!!!!!
ما قاله أحد علماء العصر ودعاته يوما، وقد سئل:
هل الحب حلال أم حرام؟ فكان جوابه اللبق:
الحب الحلال حلال… والحب الحرام حرام.
وهذا الجواب ليس نكتة ولا لغزا ولكنه بيان للواقع
المعروف فالحلال بين والحرام بين.
وإن كان بينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير
من الناس فمن الحلال البين أن يحب الرجل زوجته،
وتحب المرأة زوجها، أو يحب الخاطب
مخطوبته، وتحب المخطوبة خاطبها.
ومن الحرام البين أن يحب الرجل امرأة متزوجة
برجل آخر فيشغل قلبها وفكرها ويفسد عليها حياتها
مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية
فإن لم ينته إلى ذلك، انتهى إلى اضطراب الحياة،
وانشغال الفكر، وبلبلة الخاطر، وهرب السكينة
من الحياة الزوجية.
وهذا الإفساد من الجرائم التي برئ النبي (ص)
من فاعلها فقال:
"ليس منا من خبب (أي أفسد) امرأة على زوجها".
ومثل ذلك، أن تحب المرأة رجلا غير زوجها،
تفكر فيه، وتنشغل به، وتعرض عن زوجها
وشريك حياتها.
وقد يدفعها ذلك إلى ما لا يحل شرعا من النظر
والخلوة، واللمس، وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر
وأخطر، وهو الفاحشة، أو نيتها.
فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر،
وقلق النفس، وتوتر الأعصاب، وتكدير الحياة الزوجية،
بلا ضرورة ولا حاجة، إلا الميل مع الهوى،
والهوى شر إله عبد في الأرض.
ولقد قص علينا القرآن الكريم قصة امرأة متزوجة
أحبت فتى غير زوجها، فدفعها هذا الحب إلى
أمور كثيرة لا يرضى عنها خلق ولا دين.
وأعني بها امرأة العزيز، وفتاها يوسف الصديق على
نبينا وآله وعليه السلام;
حاولت أن تغري الشاب بكل الوسائل،
وراودته عن نفسه صراحة، ولم تتورع عن خيانة
زوجها لو استطاعت، ولما لم يستجب الشاب
النقي لرغباتها العاتية، عملت على سجنه وإذلاله
ليكون من الصاغرين، كما صرحت بذلك لأترابها
من نساء المدينة المترفات:
(قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن
وليكونن من الصاغرين).
هذا مع أن هذه المرأة قد تكون بعذرها
بأنها لم تسع إلى هذا الشاب، بل زوجها الذي اشتراه
وجاء به إلى بيتها، فبات يصابحها ويماسيها،
وتراه أمامها في كل حين،
إذ هو -بحكم العرف والقانون هناك- عبدها وخادمها
وقد آتاه الله من الحسن والجمال ما آتاه،
مما أصبح مضرب الأمثال.
ومع هذا فالزنى من كبائر الإثم وفواحش الذنوب،
وخاصة بالنسبة للمتزوج والمتزوجة، ولهذا كانت
عقوبتها في الشرع أشد من عقوبة العزب.
إن الحب له مبادئ ومقدمات، وله نتائج ونهايات،
فالمبادئ والمقدمات يملكها المكلف ويقدر على
التحكم فيها. فالنظر والمحادثة والسلام والتزاور
والتراسل واللقاء، كلها أمور في مكنة الإنسان
أن يفعلها وأن يدعها…
وهذه بدايات عاطفة الحب ومقدماتها.
فإذا استرسل في هذا الجانب ولم يفطم نفسه عن هواها،
ولم يلجمها بلجام التقوى. ازدادت توغلا في غيها،
واستغراقا في أمرها، وقديما قال البوصيري في بردته:
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
والنفس كالطفل ، إن تهمله شب على
إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
وحينما تصل النفس إلى هذه المرحلة من التعلق
بصورة حسية ونحوها يصعب فطامها، فقدت حريتها،
وأصبحت أسيرة ما هي فيه.
ولكنها هي المسئولة عن الوصول إلى هذه النتيجة.
فإذا كان المحب أو العاشق قد انتهى إلى نتيجة
لا يملك نفسه إزاءها، فإنه هو الذي ورط نفسه
هذه الورطة، وأدخلها هذا المضيق باختياره.
والذي يرمي بنفسه في النار لا يملك أن يمنع النار
من إحراقه، ولا أن يقول لها:
كوني بردا وسلاما علي كما كنت على إبراهيم.
فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب الإنقاذ
دون جدوى، كان هو الذي أحرق نفسه، لأنه الذي
عرضها للنار بإرادته.
وهذا هو شأن عاشق الصور الحسية،
بل شأن كل عاص إستغرق في الشهوات وأدمنها،
حتى أصبح عاجزا عن الإفلات منها،
وهو ما يعبر عنه القرآن بالختم على القلوب
والأسماع، والغشاوة على الأبصار،
ومرة يقول في قوم:
(ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون)
وهذا تصوير للنهاية التي وصلوا إليها
، بمقدمات وتصرفات كانوا مختارين فيها كل الاختيار.
وفي مثل هذا يقول بعض الشعراء:
فلما استقل به لم يطق
تولع بالعشق حتى عشق
فلما تمكن منها غرق
رأى لجة ظنها موجة
وقال الآخر: هلا عذلت وفي يدي الأمر؟
يا عاذلي والأمر في يده
والخلاصة أن المرأة المتزوجة يجب أن تكتفي بزوجها،
وترضى به، وتحرص على ذلك كل الحرص.
فلا تمتد عينها إلى رجل غيره، وعليها أن تسد
على نفسها كل باب يمكن أن تهب منه رياح الفتنة،
وخصوصا إذا لمعت بوادر شيء من ذلك،
فعليها أن تبادر بإطفاء الشرارة قبل أن
تستحيل إلى حريق مدمر.
إذا أحست دبيب عاطفة نحو إنسان آخر فعليها أن تقاومها،
بأن تمتنع عن رؤيته، وعن مكالمته،
عن كل ما يؤجج مشاعرها نحوه.
وينبغي لها أن تشغل نفسها ببعض الهوايات،
أو الأعمال التي لا تدع لها فراغا،
فإن الفراغ أحد الأسباب المهمة في إشعال العواطف،
كما رأينا في قصة امرأة العزيز.
وعليها بعد ذلك كله أن تلجأ إلى الله أن يفرغ قلبها لزوجها،
وأن يجنبها عواصف العواطف،
وإذا صدقت نيتها في الإخلاص لزوجها،
فإن الله تعالى -بحسب سنته- لا يتخلى عنها.
وإذا عجزت عن مقاومة العاطفة،
فلتكتمها في نفسها، ولتصبر على ما ابتليت به،
ولن تحرم -إن شاء الله -
من أجر الصابرين على البلاء.
ومثلها في ذلك الرجل يحب امرأة لا يمكنه
الزواج منها، كأن تكون متزوجة،
أو محرما له بنسب أو مصاهرة أو رضاع،
فعليه أن يجاهد هواه في ذات الله تعالى،
وفي الحديث "المهاجر من هجر ما نهى الله عنه،
والمجاهد من جاهد هواه".
ويشمل جواب السؤال أعلاه في أحلية الحب
من حرامه مايقع في ذهن الكثير وللأسف
من المؤمنين والمؤمنات من قناعة هشة بأن الحب
حلال مادام ليس فيه من الأفعال المحرمة والتي نهى
الله تعالى عنها في محكم كتابه العزيز.
فيذهب ظن الأغلبية منهم أن المشاعر طاهرة وليس
فيها مايحُكم عليه بحرمته.
وهنا يجر الحديث بالحديث فنقول;
وهل يعلم المرء خبايا عواطفه وسبل دوافعها
وما يوسوس به عدو الله وعدوه
من حديث النفس؟
هل لهذه المشاعر المتأججة والمنتظرة لبصيص
أو فرصة فتنفجر وكأنها بركان مستعر؟
ألا يحدث بعد حين ضيق في النفس من شدة
وطول كتمان تلك الأحاسيس فيسعى صاحبها
لأن يعبر بها لمن أحب؟
أو على أقل تقدير لمن يسره ويستودع
عنده أخباره؟
وما أن يحصل الحديث حتى تبقى النفس الأمارة
بالسوء تنازع بين الحلال والحرام,
أبليس متربص يتحين مواطن ضعف الأنسان
ويضغط بمخالبه وما أقواها ليطمئنه
بأن لا عاقبة سوء من مجرد البوح بتلك الأحاسيس,
ونهى الله تعالى عن تتبع خطوات الشيطان فقال
سبحانه عزّ وجل;
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ
فتبقى رحمة ربي هي الفيصل بين عفته وصدقه
وثبات إيمانه والعبرة ممن سبقه
وبين أن يجر نفسه لأسفل السافلين.
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا

وصلّ الله على محمد وآل محمد
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
ولكمال البر والأحسان
وعموم طاعة الرحمن.
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
ونسالكم صالح الدعاء,,,