الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَّآل مُحَمَّد وَعَجِّل فَرَجَهُم
وَالْعَن اعْدَائِهِم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا
وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
دخل رجل على الامام الصادق (ع)
فقال له الامام ممن الرجل ؟
قال :- من محبيكم ومواليكم.
فقال (ع) :- لايحب الله رجلاً حتى يتولاه،
ولايتولاه حتى يوجب له الجنة ثم قال (ع)
من اي محبينا انت ؟
فسكت الرجل ولم ينطق (!)
فقال سدير وهو احد اصحاب الامام كان جالساً
في المجلس :- وكم محبيكم يابن رسول الله؟
فقال (ع) :- على ثلاث طبقات:-
طبقة احبونا في السر والعلانية وهم النمط الاعلى
شربوا من عذب الفرات وعلموا باوائل الكتاب
وفصل الخطاب وسبب الاسباب،
وهم النمط الاعلى اهل الفقر والفاقة وانواع البلاء
اسرع اليهم من ركض الخيل، مستهم البأساء
وزلزلوا وفتنوا فمن بين مجروح ومذبوح
متفرقين في كل بلاد قاصية، بهم يشفي الله السقيم
ويغني العديم بهم تنصرون وبهم تمطرون
وبهم ترزقون وهم الاقلون عددا الاعظمون
عند الله قدراً وخطرا،
والطبقة الاولى النمط الاسفل احبونا في العلانية وساروا
بسيرة الملوك فألسنتهم معنا
وسيوفهم علينا
والطبقة الثالثة النمط الاوسط احبونا في السر ولم يحبونا
في العلانية، ولعمري لئن كانوا احبونا في السر
دون العلانية فهم الصوامون بالنهار القوامون
بالليل ترى اثر الرهبانية في وجوههم
اهل السلم وانقياد ......
قال الرجل:- انا من محبيكم في السر والعلانية .
قال الامام (ع) :- ان لمحبينا في السر والعلانية علامات
يعرفون بها .
قال الرجل:- وما تلك العلامات؟
قال (ع) :- تلك خلال ؟ اولها عرفوا التوحيد حق معرفته واحكموا علم توحيده والايمان بعد ذلك بما هو
وما صفته ثم علموا حدود الايمان وحقائقه
وشروطه وتأويله.
قال سدير :- يامولاي ما سمعتك تصف
الايمان بهذه الصفة .
قال (ع) :- نعم يا سدير ليس للسائل ان يسأل
عن الايمان ماهو حتى يعلم الايمان بمن.
قال سدير :- يابن رسول الله ارأيت ان تفسر ما قلت؟
قال (ع):- من زعم انه يعرف الله بالاسم دون المعنى
فقد اقر بالطعن لان الاسم محدث.
ومن زعم انه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل
لله شريكاً.
ومن زعم انه يعبد بالصفة لا بالادراك
فقد احال على غائب.
ومن زعم انه يعبد الصفة والموصوف فقد ابطل التوحيد،
لان الصفة غير الموصوف.
ومن زعم انه يضيف الموصوف الى الصفة فقد
صغر الكبير (وما قدروا الله حق قدره) .
قال سدير :- فكيف سبيل التوحيد؟
قال (ع) :- باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود.
ان معرفة عين الشاهد قبل صفته، ومعرفة الغائب قبل
عينه
قال سدير :- وكيف تعرف عين الشاهد قبل صفته؟
قال (ع) :- تعرفه وتعلم علمه، وتعرف نفسك به،
ولاتعرف نفسك بنفسك، وتعلم ان ما فيه له وبه
كما قالوا ليوسف (ع) (أأنك انت يوسف)؟
قال يوسف (انا يوسف وهذا اخي)،
فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره ولااثبتوه
من انفسهم بتوهم القلوب ..

العقل والعلم والجهل
باب علامات العقل وجنوده
قيل للصادق (ع): ما العقل؟.. قال: ما عُبد به الرحمن،
واكتسب به الجنان، قيل: فالذي كان في معاوية؟..
قال (ع) : تلك النكراء وتلك الشيطنة،
وهي شبيهة بالعقل، وليست بعقل.
سئل الحسن بن علي (ع) فقيل له: ما العقل ؟..
قال : التجرّع للغصّة حتى تنال الفرصة.
قال أمير المؤمنين (ع) للحسن (ع): يا بني ما العقل؟!..
قال: حفظ قلبك ما استودعه، قال: فما الجهل ؟..
قال: سرعة الوثوب على الفرصة
قبل الاستمكان منها والامتناع عن الجواب،
ونِعمَ العون الصمت في مواطن
كثيرة وإن كنت فصيحا.
قال رسول الله (ص): وأما أعداؤك من الجن:
فإبليس وجنوده، فإذا أتاك فقال: مات ابنك، فقل:
إنما خُلق الأحياء ليموتوا، وتدخل بضعة مني
الجنة إنه ليسري..
فإذا أتاك وقال: قد ذهب مالك، فقل: الحمد لله الذي
أعطى وأخذ، وأذهب عني الزكاة فلا زكاة عليّ ..
وإذا أتاك وقال لك:
الناس يظلمونك وأنت لا تظلم، فقل:
إنما السبيل يوم القيامة على الذين
يظلمون الناس وما على المحسنين من سبيل ..
وإذا أتاك وقال لك: ما أكثر إحسانك !..
يريد أن يدخلك العجب، فقل:
إساءتي أكثر من إحساني ..
وإذا أتاك فقال لك: ما أكثر صلاتك !.. فقل:
غفلتي أكثر من صلاتي ..
وإذا قال لك: كم تعطي الناس، فقل: ما آخذ
أكثر مما أعطي ..
وإذا قال لك: ما أكثر مَن يظلمك !.. فقل:
مَن ظلمته أكثر ..
وإذا أتاك فقال لك: كم تعمل، فقل: طالما عصيت.
إنّ الله
تبارك وتعالى لما خلق السفلى فخرت وزخرت،
وقالت: أيّ شيءٍ يغلبني ؟..
فخلق الأرض فسطّحها على ظهرها فذلّت،
ثم إنّ الأرض فخرت وقالت: أيّ شيءٍ يغلبني ؟..
فخلق الله الجبال فأثبتها على ظهرها أوتاداً من أن تميد بها عليها ،
فذلّت الأرض واستقرّت،
ثم إنّ الجبال فخرت على الأرض ، فشمخت ( أي علت
) واستطالت ، وقالت: أيّ شيءٍ يغلبني؟..
فخلق الحديد فقطعها فذلّت،
ثم إنّ الحديد فخر على الجبال،
وقال: أيّ شيءٍ يغلبني ؟..
فخلق النار فأذابت الحديد فذلّ الحديد،
ثم إنّ النار زفرت وشهقت وفخرت
وقالت: أيّ شيءٍ يغلبني ؟..
فخلق الماء فأطفأها فذلّت،
ثم الماء فخر وزخر وقال: أيّ شيءٍ يغلبني؟..
فخلق الريح فحرّكت أمواجه وأثارت ما في قعره،
وحبسته عن مجاريه
فذلّ الماء،
ثم إنّ الريح فخرت وعصفت وقالت: أيّ شيءٍ يغلبني ؟..
فخلق الإنسان فبنى واحتال ما يستتر به من الريح
وغيرها فذلّت الريح،
ثم إنّ الإنسان طغى ، وقال: من أشدّ مني قوةً ؟..
فخلق الموت فقهره فذلّ الإنسان، ثم إنّ الموت فخر
في نفسه، فقال الله عزّ وجلّ: لا تفخر فإني ذابحك بين
الفريقين، أهل الجنة وأهل النار ثم
لا أُحييك أبدا فخاف،
ثم قال: والحلم يغلب الغضب، والرحمة تغلب
السخط والصدقة تغلب الخطيئة .
قال النبي (ص): صفة العاقل: أن يحلم عمَّن جهل عليه، ويتجاوز عمَّن ظلمه، ويتواضع لمَن هو دونه،
ويسابق مَن فوقه في طلب البرّ،
وإذا أراد أن يتكلّم تدبّر فإن كان خيرا تكلّم فغنم،
وإن كان شراً سكت فسلم ، وإذا عرضت له فتنة استعصم
بالله، وأمسك يده ولسانه، وإذا رأى فضيلة
انتهز بها، لا يفارقه الحياء، ولا يبدو منه الحرص،
فتلك عشر خصال
يُعرف بها العاقل.
وصفة الجاهل: أن يظلم مَن خالطه، ويتعدّى على مَن
هو دونه، ويتطاول على مَن هو فوقه، كلامه بغير تدبرٍ،
إن تكلم أثم وإن سكت سها، وإن
عرضت له فتنةٌ سارع إليها فأردته، وإن رأى فضيلةً
أعرض وأبطأ عنها،
لا يخاف ذنوبه القديمة، ولا يرتدع فيما بقي من عمره
من الذنوب،
يتوانى عن البر ويبطىء عنه، غير مكترث لما فاته
من ذلك أو ضيّعه،
فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي
حُرم العقل.
والحمد لله وحده
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
دمتم بعين الرحمن وحفظه
ونسألكم صالح الدعاء..