اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم
والعن أعدائهم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا
وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
تتمة ل أكل مال اليتيم
معاشرة الأيتام
ربما لاتجد مثل تلك العناية التي أولاها الأسلام لمسألة اليتيم
في أيّ من المسائل العاطفية والأجتماعية
الُأخرى, فقد أظهر الدين الأسلامي حساسية خاصّة
تجاه هذه المسألة,
والآيات القرآنية وسلوك المعصومين عليهم السلام
وأحاديثهم شاهد على ذلك.
فأنّ الحنو على اليتيم من المسائل التي شغلت أهتمام
جميع الأولياء وعظماء الأسلام , فطالما مانرى المسح
على رأس اليتيم في سيرة حياة قادة الأسلام متأسين
بالآيات القرآنية التي توصي بمعاشرتهم والأعتناء
بحقوقهم , قال سبحانه عزّ وجلّ;
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ . وقال عزّ وعلا;
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ
مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
ومن جملة أسباب دخول بعض المعاندين لجهنم
والعيّاذ بالله;
كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ
والذي يصّد يتيماً منكراً للمعاد ويوم القيامة,
فقال سبحانه تعالى;
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ , فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ,
وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ
وعلى وجه الخصوص أن كان اليتيم من ذوي الرحم
والقرابة;
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ, وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ, فَكُّ رَقَبَةٍ,
أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ , يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ,
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ .
وفي مضمار كفالة اليتيم ومعاشرته فلابد من
تربيته تربية أسلامية وأن يجعل الكافل من إبنه الذي
من صلبه ميزان لتربية اليتيم, فيعامله معاملة ولده,
قال الإمام أمير المؤمنين (ع);
أدِّب اليتيم مما تؤِّدب به ولدك, وأضربه مما
تضرب به ولدك.
وقد أوصتنا التعاليم الأسلامية بمداعبة اليتيم وأن لانقبّل
أبناءنا بمرأى من اليتيم إلا إذا قبلّناه معهم.
قال الإمام العسكري (ع ); في قوله تعالى;
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ
وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ .
إنّ الذي يمسح على رأس اليتيم رفقاً أعطاه الله من القصور
بعدد ماتقع على يديه من شعر اليتيم,
وهي أوسع من الدنيا ومافيها, وفيها ماتلّذُ الأعين
وهو فيها من الخالدين.
وقال الأمام الباقر سلام الله عليه;
مامن عبد مسح على رأس يتيم رحمة به إلّا أعطاه
الله من الأنوار يوم القيامة بمقدار مامسح عليه
من شعر اليتيم.
والرحمة باليتيم أمرٌ لامناص عنه لأنه طفل أو حدث كسير
ذو روح متألمة, كالطائر الذي سقط من عشه قبل إكتمال ريشه, فهو بحاجة إلى مسكن يسكن آلامه, وهو ينظر إلى
كل ماحوله وبما ينعم به أقرانه
وهو منه محروم.
قال الإمام الصادق (ع); من أراد أن يدخله الله عزّ وجلّ في رحمته فليرحم اليتيم.
كما في قوله تعالى; فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ
وفي باب الإمتناع عن إيذائه, فمنها ما يحصل في إيذاء
اليتيم نفسياً وجسدياً,
فمثلاً لايُعامل اليتيم أو يُكرم كما هو الحال مع الولد.
فيلبس ما رخص من الثياب أو حتى مافاض عن حاجة
الولد ...وقد بُليت.
ولربما يٌهمل ولايهُدى إليه في الأعياد من الألعاب والحلوى,
وأحياناً يُحمل فوق طاقته وحتى فيُكّلف بما لا يطيقه
أو قد يُسّب ويُشتم ويُلعن وأمه وأبوه مما يؤدي إلى
تأثرّه وأنكساره.
قال الإمام الصادق (ع); إذا بكى اليتيم أهتز له العرش
ومن هنا فُرضت المساواة بين اليتيم والأبناء,
وجاء في حديث قدسيّ;
من أبكى مؤمنا لي يتيماً في صغره فأننيّ وعزّتي وجلالي وأرتفاع مكانتي وعظمتي سأدخله جهنم, ومن داعبه
وأسكته أوجبت له جنتّي.
وسُئل معصوم عليه السلام ; هل تبكي الملائكة؟
فقال; نعم تبكي في ثلاث موارد; أحدهما حين يرى اليتيم
أبويه في المنام, ثم يستيقظ ويطلبهما وهو يبكي,
وعندها فأنّ أجر من أسكته الجنّة.
((صلوات الله وسلامه على أباعبد الله الحسين وآل البيت
أجمعين.
السلام على سيدتي ومولاتي رقية بنت الحسين))
كما ولا يجوز طرد اليتيم وزجره كما قوله تعالى;
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى
وفي مساعدتهم تتجلى قصة في مناقب أمير المؤمنين
وإمام المتقين علي (ع), خير مثال في ذلك;
نظر امير المؤمنين (ع) ذات يوم الى امراة وعلى كتفها
قربه ماء مملوءة فحملها معها الى منزلها ثم سالها
عن شانها قالت;
بعث علي ابن ابي طالب بصاحبي الى بعض الثغور
فقتل وترك علي صبيانا يتامى وليس عندي شيء
وقد الجاتني الضرورة الى خدمه الناس.
فمضى امير المؤمنين عليه السلام وبات تلك الليله قلقا
فلما اصبح حمل زنبلا مملوء من الدقيق واللحم والتمر
على كتفه.. فقال له بعض اصحابه اعطني احمل عنك
هذا!!! فقال;
من يحمل عني وزري يوم القيامه؟
ثم اتى باب تلك الامراة وقرع الباب.
قالت; من في الباب
قال; انا ذلك العبد الذي حمل معك
القربه افتحي الباب فان معي شيئا للصبيان.
فقالت; رضى الله عنك وحكم بيني وبين علي
ابن ابي طالب ثم فتحت له الباب ودخل .
وقال لها ياامة الله اني احببت اكتساب الثواب فاختاري
بين ان تعجني وتخبزي وبين ان تعللي الصبيان
ل اخبز انا لهم .
قالت ياعبدالله انا بالخبز ابصر وعليه اقدر دونك الصبيان.
فعللهم .
فعمدت الامراة الى الدقيق تعجنه وعمد امير المؤمنين
عليه السلام الى اللحم فطبخه وجعل يلقم الصبيان
من ذلك اللحم والتمر وكلما ناول صبيا منهم قال له
يابني اجعل علي ابن ابي طالب في حل مما امركم.
ولما اختمر العجين قالت الامراة قم ياعبد الله
واسجر التنور... فلما اشعل التنور لفحت وجهه فجعل
يقول; ذق ياعلي هذا جزاء من ضيع الارامل واليتامى
فدخلت امراة من الخارج الدار فعرفته فقالت ويحك
هذا الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام
فبادرت اليه الامراة ووقعت على قدميه تقبلهما
وهي تقول واحيائي منك ياابا الحسن.
فقال بل حيائي منك ياامه الله فيما قصرت في امرك.
وفي ملاطفة اليتامى ففي خبر التاريخ ماورد عن مصاب
أبا عبد الله سلام الله عليه حينما أخبر ع بقتل مسلم
وكانت له بنت تبلغ من العمر ثلاث عشر سنة أو أقل,
أسمها حميدة حيث كانت تعيش في بيت الإمام عليه السلام وتدرج مع بناته فلاتفارقهن.
فجعل الإمام الرؤوف يلاطفها ويعطف عليهاثم يمسح
بيده الشريفة على رأسها;
فقالت حميدة; ياعم, أراك تعطف عليّ عطفك على الأيتام,
أفأصيب أبي مسلم؟
فرقّ الحسين (ع) لها وجرت دمعته, وقال لها ; يابنية لاتحزني, فلئن أصيب أبوك فأنا أبوك وبناتي أخواتك.
مال اليتيم
عن الكنانيّ, عن الصادق (ع); قال; قال رسول الله (ص);
شر المآكل أكل مال اليتيم ظُلماً.
وعن الرضّا (ع); حرّم الله أكل مال اليتيم ظُلماً.
ومن أكل مال اليتيم ظلماً فقد أعان على قتله,
فأن اليتيم غير مستغن ولامتحمل لنفسه ولاقائم بشأنه,
ولا له من يقوم عليه ويكفيه, كقيام والديه,
فمن أكل ماله فكأنه قد قتله وصيّره إلى الفقر والفاقة
دون خوف من الله تعالى الرقيب الحسيب.
ولقول أبي جعفر عليه السلام;
أنّ الله عزّ وجلّ وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين;
عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة
ففي تحريم مال اليتيم استبقاء مال اليتيم، واستقلاله بنفسه، والسلامة للعقب أن يصيبه ما أصابهم، لما وعد الله فيه
من العقوبة، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره
إذا أدرك، ووقوع الشحناء والعدواة والبغضاء
حتى يتفانوا.
عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
إن في كتاب علي عليه السلام أن أكل مال اليتامى
ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبة من بعده،
ويلحقه وبال ذلك في الآخرة .
أما في الدنيا فان الله عزوجل يقول:
" وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا
خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا "
وأما في الآخرة فان الله عزوجل يقول:
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في
بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ".
عن سماعة قال: سمعته (ع) يقول:
إن الله عزوجل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين:
أما إحداهما فعقوبة الآخرة النار !!!
وأما عقوبة الدنيا فهو قوله عزوجل:
" وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا
عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا "
يعني بذلك لخش أن اخلفه في ذريته كما صنع
هو بهؤلاء اليتامى .
عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
دخلنا عليه فابتدء فقال:
من أكل مال اليتيم سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه،
فان الله عزوجل يقول في كناية: "
وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ".
عن أبي الحسن عليه السلام " إنه كان حوبا كبيرا "
قال عليه السلام: هو مما يخرج
من الارض من أثقالها.
عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
سألته عن رجل أكل مال اليتيم، هل له توبة ؟
فقال: يؤدي إلى أهله،
لان الله يقول : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى
ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا
" وقال : " إنه كان حوبا كبيرا ".
قيل لابي عبدالله عليه السلام:
إنا ندخل على أخل لنا في بيت أيتام ومعهم خادم لهم فنقعد
على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخدمنا خادمهم،
وربما أطعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا،
وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك ؟
فقال: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس،
وإن كان فيه ضررا فلا، وقال الله عزوجل:
" وإن تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد
من المصلح ".
في حفظ مال اليتيم
عن أبو الْقَاسِم عبيد الله بْن سُلَيْمَانَ ، قال:
كنت أكتب لموسى بْن بغا، وكنا بالري، وقاضيها إذ ذاك
أَحْمَد بْن بديل الكوفي، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعته
هناك، كان له فيها سهام، ويعمرها، وكان فيها
سهم ليتيم، فصرت إلى أَحْمَد بْن بديل، أو فاستحضرت
أَحْمَد بْن بديل، وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم،
ويأخذ الثمن فامتنع، وقال: ما باليتيم حاجة إلى البيع،
ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه، فيحدث
على المال حادث، فأكون قد ضيعته عليه،
فقلت: أنا نعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها،
فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال
إذا كثر مثلها إذا قل، قال: فأخذته بكل لون وهو يمتنع،
فأضجرني، فقلت له: أيها القاضي لا تفعل فإنه
موسى ابن بغا،
فقال لي: أعزك الله ، إنه الله تبارك وتعالى،
قال: فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك،
وفارقته فدخل على موسى، فقال: ما عملت في الضيعة، فقصصت عليه الحديث، فلما سمع أنه الله بكى، وما زال
يكررها، ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة،
وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجة
فاقضها، قال: فأحضرته، وقلت له: إن الأمير قد أعفاك
من أمر الضيعة، وذاك أني شرحت له ما جرى بيننا،
وهو يعرض عليك قضاء حوائجك،
قال: فدعا له، وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته, وما لي
حاجة إلا إدرار رزقي، فقد تأخر منذ شهور، وأضر
بي ذلك، قال: فأطلقت له جارية.
موعظة للغافلين
قيل لا يخصب لك الجناب ولا تأنس بكعاب حتى ترى
ما خط لك في أم الكتاب وتستبين العاقبة
والمآب!!!!!
حاسب النفس قبل يوم الحساب ...
وأذقها العذاب قبل العذاب
وأصبها من الأسى بشواظ ...
ينضج اللحم قبل نضج الإهاب
وإذا ما بكيت يوما بدمع ...
فبدمع من الفؤاد مشاب
(وحذار حذار أن تتهنا ...
بطعام تناله أو شراب
أو منام تنام بالليل حتى ...
تستبين المآل يوم المآب
وقيل يا ابن آدم الأقلام عليك تجري وأنت في غفلة
لا تدري يا ابن آدم دع المغاني والأوطار والمنازل
والديار والتنافس في هذه الدار حتى ترى
ما فعلت في أمرك الأقدار!!!
إنا مشغول بذنبي عن ذنوب العالمينـــــــــا
وخطايا أثقلتني تركت قلبي حزينــــــــا
ولقد كنت جليلاً في عيون الناظرينــــــــا
صرت في ظلمة قبري ثاوياَ فيها رهينـــــــــا
بعد عزّ وسرور فوق وصف الواصفينــــــــــا
فأتى الموت علينا بعد هذا ففيننـــــــــــا
" قطرة من الدمع على الخد أنفع من ألف قطرة
على الأرض"
فكيف الحال إذا بلغت القلوب الحناجر وقطعت الحسرات الأكباد ..
فكم خذلنا التفريط من الباطلين؟
وكم أعمت الآمال بصائر الآملين؟
وكم قطعت الأسباب قلوب الخائفين,
وحيل بينهم وبين مايشتهون,
فإذا هم قيام ينظرون;
أما لكم عيون من ألم الفراق تدمع؟
أما لكم قلوب من وحشة الانقطاع تخشع؟
أما لكم أسماع تصغى إلى المواعظ فتسمع؟
أما لكم أكباد من طلب الفاني تشبع؟
بالله لتُسئلن عما كنتم تعلمون,
حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها
علما أم ماذا كنتم تعملون ....
وصلّ الله على محمد وآل محمد
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
ولكمال البر والأحسان
وعموم طاعة الرحمن.
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
ونسالكم صالح الدعاء,,,