بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءعم أجمعين من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قوله تعالى : ( إِنّ الّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنّمَا يُبَايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) .
البيعة لغة : من البيع ضد الشراء . وفي الاصطلاح العرفي : إعطاء المحكومين ثقتهم للحاكم وانتخابهم له , وقبولهم به حاكماً وأميراً .
وفي الشرع ومنطوق الآية الكريمة : عبارة عن معاهدة وميثاق مع الله تعالى يوقّعها المسلم بواسطة النبي (صلّى الله عليه وآله) أو نائبه الشرعي ؛ معاهدة وعقد وميثاق على الطاعة والانقياد والعبودية الكاملة في كلّ ما يأمر به وينهى عنه على لسان أنبيائه وحججه .
ومرجع هذا المعنى إلى المعنى اللغوي السابق ، أي البيع ضد الشراء ، فالبيعة تعني : بيع الإنسان نفسه لله تعالى على حدّ قوله سبحانه : ( إِنّ اللّهَ اشْتَرَى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنّ لَهُمُ الْجَنّةَ ) .
فالمبايع للنبي (صلّى الله عليه وآله) أو نائبه يعني سلّم نفسه وإرادته بيد المبايع له ، مقابل قيام الأخير بأداء واجبه تجاهه ؛ مِنْ تبليغ وإرشاد وتنظيم على أكمل وجه . وكلّ إخلال أو تقصير بلوازم هذه البيعة وهذا الميثاق من الطرفين يعدّ خيانة لله تعالى ، كما أنّ تنفيذ مقرّراتها والالتزام بشروطها يؤتي الأجر العظيم في الدنيا والآخرة .
وعليه ، فيجب على المبايع أنْ لا يمدّ يد البيعة إلاّ بعد التحقّق والتأكّد ؛ حتّى يعرف إلى مَنْ يمدّ يده ، وممّنْ يبيع نفسه ، ولمَنْ يسلّم مقدراته ومقدّرات اُمّته ومجتمعه ؛ لله تعالى أمْ للشيطان ، للحقّ أمْ للباطل ، للعدل أمْ للجور ، للوفاء والصدق أمْ للخيانة والكذب .
إنّ البيعة في عصرنا الحاضر عبارة عن الانتخاب أو قريبة منه ، فكلّ صوت يُعطى للمرشح للرئاسة أو النيابة هو بمثابة البيعة معه ، فإذا كان المرشّح شيطاناً مِنْ شياطين الإنس يكون مثله مثل شيطان الجنّ إبليس ، ( إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ).
والخلاصة : إنّ البيعة في الدنيا على قسمين : بيعة حقّ وهداية ، أو بيعة باطل وضلال ؛ لأنّ هناك شروطاً وصفاتٍ يجب أنْ تتوفّر في المبايع له حتّى تكون البيعة بيعة حق وهداية . وقد لخص تلك الشروط والصفات الإمام علي (عليه السّلام) في خطبة له مِنْ نهج البلاغة ، فقال : (( وَقَد عَلِمتُم أَنَّهُ لا يَنبَغِي أَن يَكُونَ الوَالِي عَلَى الفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ ، وَالمَغَانِمِ وَالأَحكَامِ , وَإِمَامَةِ المُسلِمِينَ البَخِيلُ ؛ فَتَكُونَ فِي أَموَالِهِمْ نَهمَتُهُ , وَلا الجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ ، وَلا الجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ ، وَلا الحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوماً دُونَ قَومٍ ، وَلا المُرتَشِي فِي الحُكمِ فَيَذهَبَ بِالحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ ، وَلا المُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الأُمَّةَ )) .
وعلى ضوء كلّ ما ذُكر يظهر جلياً الجواب الكافي عن السؤال القائل : لماذا لمْ يبايع الحسين (عليه السّلام) يزيد بن معاوية ؟
وحاصل الجواب هو : أنّ يزيد لمْ يكن أهلاً لأنْ يُبايَع مِنْ قبل أي مسلم كان فضلاً عن الحسين (عليه السّلام) المسلم الأول في عصره ، وسيد شباب أهل الجنة . بل إنّ يزيد لمْ يكن مسلماً بالمرّة ، فكيف يبايع بإمرة المؤمنين وخليفة على المسلمين ؟! فإنّ كفر يزيد وزندقته ، وإلحاده واستهتاره بكلّ القيم والمقدّسات أشهر من الشمس في رابعة النهار .
ولقد أجمع المؤرخون وأهل السيرة على أنّ يزيد بن معاوية كان فاسقاً فاجراً ، خمّاراً سكّيراً ، يضرب بالطنبور ويلعب بالفهود والقرود ، فرضه أبوه معاوية خليفة على المسلمين بقوّة السيف مع علمه بفساده ، حيث كان يقول : لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي .
واليك تصريحات بعض الخبراء بيزيد من الأولين والآخرين .
مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب
نسالكم الدعاء
أختكم الفاطمية
زينب قدوتي