بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءعم أجمعين من الأولين والآخرين
ويستفاد من الرّوايات الإِسلامية، أن بين الحسين(عليه السلام) ويحيى(عليه السلام) جهات مشتركة، ولذلك فقد روي الإِمام زين العابدين علي بن الحسين(عليه السلام) أنّه قال: «خرجنا مع الحسين بن علي(عليه السلام)، فما نزل منزلا ولا رحل منه إِلاّ ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال: ومن هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريا أهدي إِلى بغي من بغايا بني إِسرائيل».
وكذلك فإِنّ اسم الحسين(عليه السلام) كاسم يحيى(عليه السلام) لم يسبقه به أحد، ومدّة حملهما كانت أقل من المعتاد.
كما أن شهادة الحسين(عليه السلام) تشبه شهادة يحيى(عليه السلام) من عدّة جهات أيضاً
كيفية شهادة يحيى
لم تكن ولادة يحيى عجيبة ومذهلة لوحدها، بل إِنّ موته أيضاً كان عجيباً من عدّة جهات، وقد ذكر أغلب المؤرخين المسلمين، وكذلك المصادر المسيحية، مجرى هذه الشهادة على هذه النحو، بالرغم من وجود اختلاف يسير في خصوصياتها بين هذه المراجع:
لقد أصبح يحيى ضحية للعلاقات غير الشرعية لأحد طواغيت زمانه مع أحد محارمه، حيث تعلق «هروديس» ملك فلسطين اللاهث وراء شهواته ببنت أخته «هروديا» وهام في غرامها، وألهب جمالها قلبه بنار العشق، ولذلك صمم على الزواج منها!
فبلغ هذا الخبر نبي الله العظيم يحيى(عليه السلام)، فأعلن بصراحة أنّ هذا الزواج غير شرعي ومخالف لتعليمات التوراة، وسأقف امام مثل هذا العمل.
لقد انتشر صخب وضوضاء هذه المسألة في كل أرجاء المدينة، وسمعت تلك الفتاة (هيروديا) بذلك، فكانت ترى يحيى أكبر عائق في طريقها، ولذلك صممت على الإِنتقام منه في فرصة مناسبة لترفع هذا المانع من طريق شهواتها وميولها، فعمقت علاقتها بخالها ووطدتها، وجعلت من جمالها مصيدة له، وقد ملكت عليه كل مشاعره وأحاسيسه، إِلى أن قال لها هيروديس يوماً: اطلبي منّي كل ما تريدين فسأحققه لك قطعاً، فقالت هيروديا: لا أريد منك إِلاّ رأس يحيى! لأنّه قد شوّه سمعتي وسمعتك، وقد أصبح كل الناس يعيروننا، فإِنّ كنت تريد أن يهدأ قلبي ويسر خاطري فيجب أن تقوم بهذا العمل!
فسلّم هيروديس ـ الذي أصبح مجنوناً لا يعقل من عشق هذه المرأة ـ لما أرادت من دون أن يفكر ويتنبه إِلى عاقبة هذا العمل، ولم يمض قليل من الزمن حتى أُحضر رأس يحيى عند تلك المرأة الفاجرة، إِلاّ أنّ عواقب هذا العمل الشنيع قد أحاطت به، وأخذت بأطرافه في النهاية(1).
ونقرأ في الرّوايات أن سيد الشهداء الإِمام الحسين(عليه السلام) كان يقول: «إنّ من هوان الدنيا أن يهدى رأس يحيى بن زكريا إِلى بغي من بغايا بني إِسرائيل» أي إِن ظروفي تشابه من هذه الناحية ظروف وأحوال يحيى، لأنّ أحد أهداف ثورتي محاربة الأعمال المخزية لطاغوت زماني يزيد.
_________
1 ـ يستفاد من بعض الأناجيل وقسم من الرّوايات أنّ هيروديس قد تزوج امرأة أخيه، وقد كان هذا الزواج ممنوعاً في قانون التوراة، وقد لامه يحيى على هذا العمل بشدّة، ثمّ أن تلك المرأة حملت هيروديس على قتل يحيى بإِغرائه بجمال بنتها. إِنجيل متى باب 14، إِنجيل مرقس باب 6، الفقرة 17 وما بعدها.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء التاسع
نسألكم الدعاء</b></i>أختكم الفاطمية
زينب قدوتي