رد: متى يظهر الإمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه)
القسم الثالث: العلائم المقترنة
وهي علامات خاصة قريبة جداً من الظهور المبارك؛ تحدث في نفس سنة الظهور أو السنة السابقة عليه.
وهي كما تقدم على نوعين:
علائم محتومة.
وعلائم غير محتومة.
بالبيان التالي:
أما العلائم المحتومة
فهي ما في حديث الإمام الصادق عليه السلام:
(قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء).(15)
فلنشر إلى شيء من بيان العلائم الحتمية الخمس للظهور المبارك:
1 ـ الصيحة السماوية
وهي النداء السماوي الذي ينادي به جبرئيل عليه السلام في ليلة الجمعة، ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك:
(يا عباد الله! اسمعوا ما أقول: إنّ هذا مهدي آل محمد خارج من أرض مكة فأجيبوه)، كما في خطبة البيان.(16)
وهذا من أبرز الآيات وأوضح العلامات على ظهوره الشريف.
ويكون بصوت مفهوم ومسموع، يسمعه جميع أهل العالم، كلّ قوم بلسانهم؛ كما في حديث زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام.(17)
وفي حديث آخر: ينادي منادٍ من السماء باسم القائم، فيسمع ما بين المشرق والمغرب فلا يبقى راقد إلاّ قام، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين عليه السلام.(18)
وتكون هذه الصيحة أعظم بشرى وسرور للمؤمنين، حتى تسمعه العذراء في خدرها، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج لنصرة الإمام المهدي عليه السلام.
في حين هي أكبر تهديد وإنذار للظالمين والمتكبرين، حيث يأخذهم الفزع والخوف، كما قد يستفاد من حديث الإمام الباقر عليه السلام.(19)
2 ـ خروج السفياني
وهو رجل سفّاك للدماء، أمويّ النسب، حقود على أهل البيت عليهم السلام، اسمه عثمان بن عنبسة من ولد أبي سفيان.
وهو وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، يخرج من الوادي اليابس بالشام، كما في حديث أمير المؤمنين عليه السلام.(20)
وله محنة كبرى وبلاءٌ عظيم وقتل ذريع وهتك للحرمات، يفعلها هو وجيشه الذي يكون في الشام ويبعثه إلى العراق والى المدينة، كما يستفاد من خطبة البيان.(21)
ويكون خروجه في رجب، ورايته حمراء، كما في حديث البحار.(22) أما جيشه إلى العراق فيرجع إلى الشام بعد إفساد كثير، وأما جيشه إلى المدينة فيُخسف بهم في البيداء، كما يأتي في العلامة الثالثة.
ونهاية أمره هو الخسران المبين، كما تلاحظ مفصل بيانه في كتاب الإمام المهدي عليه السلام (23) وحاصله:
توجه الإمام المهدي عليه السلام بعد الكوفة إلى الشام وقضاؤه على السفياني وأصحابه وجيشه الراجع إلى الشام، ويريح الله العباد من شرّه.
3 ـ خسف البيداء
البيداء اسم للمفازة التي لا شيء فيها، وهي اسم أرض خاصة بين مكة والمدينة، على ميلٍ ـ أي 1860 متراً ـ من ذي الحليفة نحو مكة، وكأنها مأخوذة من الإبادة أي الاهلاك.
وفي الحديث نُهي عن الصلاة فيها، وعلل بأنها من الأماكن المغضوب عليها، كما في مجمع البحرين.(24)
ومن العلامات الحتمية انخساف هذه الأرض بجيش السفياني وابتلاعها لهم، فان السفياني يبعث جيشه إلى المدينة ـ كما عرفت ـ فيبغي فيها الظلم والفساد.
ويخرج الامام المهدي عليه السلام من المدينة إلى مكة على سُنة موسى بن عمران، فيبلغ قائد جيش السفياني ان الإمام المهدي عليه السلام قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشه على أثره ليهدم الكعبة.
وينزل الجيش البيداء، فتبيدهم الأرض، كما يشير اليه حديث الامام الباقر عليه السلام.(25)
وينجو من هذا الخسف رجلان، أحدهما يبشر الإمام المهدي بهلاك الظالمين، والآخر ينذر السفياني بهلاك جيشه، كما في حديث المفضل حيث جاء فيه:
ثم يقبل على القائم عليه السلام رجل وجهه إلى قفاه وقفاه إلى صدره ويقف بين يديه فيقول: يا سيدي أنا بشير، أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك، وأبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء.
فيقول له القائم عليه السلام بيِّن قصّتك وقصّة أخيك.
فيقول الرجل: كنتُ وأخي في جيش السفياني وخرّبنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جمّاء وخرّبنا الكوفة وخرّبنا المدينة...
وخرجنا منها، وعددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرّسنا فيها، فصاح بنا صائح: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين.
فانفجرت الأرض وابتلعت كل الجيش، فوالله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي.
فاذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما ترى فقال لأخي: ويلك يا نذير! امض إلى الملعون السفياني بدمشق فأنذره بظهور المهدي من آل محمد عليه السلام وعرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء.
وقال لي: يا بشير، إلحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين، وتب على يده فإنه يقبل توبتك.
فيمر القائم عليه السلام يده على وجهه فيرده سوياً كما كان، ويبايعه ويكون معه).(26)
4 ـ خروج اليماني
من العلائم المحتومة خروج اليماني الذي يدعو إلى الحق والى الطريق المستقيم، كما صرّحت به الأحاديث مثل:
حديث الإمام الباقر عليه السلام: (وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى، لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على (الناس و) كل مسلم. وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحلُّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم).(27)
واستفيد من بعض الأخبار الشريفة أن خروجه من صنعاء اليمن.(28)
كما جاء في بعض الأحاديث انه من ذرية زيد الشهيد عليه السلام.(29)
5 ـ قتل النفس الزكية
وهو غلام من آل محمد عليهم السلام، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية، يقتل بين الركن والمقام بدون أيّ ذنب، كما يستفاد من حديث الإمام الباقر عليه السلام.(30)
يرسله الإمام المهدي عليه السلام إلى أهل مكة ـ قبل وصوله إليها ـ إتماماً للحجة واستنصاراً لمظلومية أهل البيت عليهم السلام، كما يستفاد من حديث الإمام الباقر عليه السلام جاء فيه:
(يقول القائم عليه السلام لأصحابه يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني، ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم.
فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له امض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة! أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا.
فإذا تكلّم هذا الفتى بهذا الكلام، أتوا اليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكية.
فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أنّ أهل مكة لا يريدوننا، فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط من عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ـ عدة أهل بدر ـ حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثم يحمد الله ويُثني عليه ويذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويصلي عليه ويتكلّم بكلام لم يتكلّم به أحد من الناس... ).(31)
وهذه العلائم الخمس من علامات الظهور المحتّمات ـ كما تقدم ـ تكون في سنة الظهور ويكون بعده القيام.(32)
يتبع...
|