ميّز الإسلام المرأة عن الرجل في اللباس آمرا إياها بما لم يأمر به الرجل حفاظاً وصوناً لها ، كما أنه لم يغفل فطرتها بحبها للزينة فأباح لها الحلي والحرير وكل ما يعتبر زينة، ولكن وفق شروط وضوابط تحفظ من خلالها كرامتها و إنسانيتها.
والمراد من الزينة لغةً : ما يتزين به، ويُقال: تَزَيَّنَتِ الأَرضُ بالنبات وازَّيَّنَتْ وازْدانتِ ازْدِياناً وتَزَيَّنت وازْيَنَّتْ وازْيَأَنَّتْ وأَزْيَنَتْ أَي حَسُنَتْ وبَهُجَتْ(أبن منظور).
أما الزينة عند العرف، هو أن يزيد الشيء على المرأة جمالاً ويضفي عليها رونقاً جميلاً بحسب عاداتهم وتقاليدهم ولا ينافي في صدق الزينة عدها في بلدان أخرى قبيحة .
والزينة عكس التحجب وقد نهى الله عنها وذمها في كتابه المجيد وعلى لسان نبيه (ص) والأئمة (ع) وعدّها من الكبائر الموجبة لدخول النار، و ذلك عندما تكون في غير موضعها.
وترتبط الزينة بالميل الجنسي بين الرجل والمرأة، وعلى هذا فكل ما يتعلق بالميل الجنسي من إيماءات كلامية أو بصرية أو حركية أو في اللباس يعتبر زينة لا تبدى إلا إلى الأزواج، والأرحام ما لم يوقع في المحذور. وُيسهم التبرج لغير الأزواج بشكل كبير في فساد المجتمع وإخلال توازنه وجعله أقرب إلى الحيوانية من الإنسانية، وتُعد الأمراض النفسية والجسدية، وفساد الشباب وميلهم للدعة والركون إلى شهواتهم وتثبطهم عن أداء واجباتهم نحو الله و السفور والزينة التي في غير موضعها السليم من أشد الأخطار التي تحيط بالمجتمع.
ولم يقتصر وجوب الحجاب وحرمة الزينة المحرمة في الدين الحنيف فقط ، بل حتى في الكتب السماوية الأخرى نهت عن هذا الأمر، وما نراه اليوم من تبرج وسفور ليس هو من أحكام الأديان، وإنما هو مزيج من الأهواء الفاسدة من مدعي هذه الديانات، والبدع المضلة.
ولما شرع الإسلام الحجاب وحرم التبرج والزينة من أجل صيانة المجتمع وحماية الصنف البشري من أي انحراف وفساد مخالف للفطرة السوية، فقد ورد هذا الفرض في القرآن الكريم في قوله تعالى:"وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرّج الجاهلية الأولى" (الأحزاب:33) وفي قوله تعالى:" والحافظين فروجهم والحافظات" (الأحزاب:32) وغيرها من النصوص القرآنية التي وردت في هذا الشأن.
والإسلام لم يأتِ بنوع أو شكل الزي الواجب على المرأة لباسه وإنما جعل لزي المرأة آداباً وحدوداً لا يجوز لها أن تتجاوزها، فيجب عليها ستر جميع بدنها عن الأجنبي ما عدا الوجه والكفين. ويشترط في الساتر أن لا يحكي ما تحته، وأن يخفي مفاتن الجسد، وأن لا يكون الساتر مثيرًا ملفتا للرجال بزينته، فعن أهل البيت عليهم السلام، أن المرأة إذا تطيبت أو تزينت لغير زوجها فهي ملعونة حتى ترجع إلى بيتها، وإن فعلت كان حقاً على الله أن يحرقها بالنار. وغيرها من الأخبار الناهية عن إشاعة الفساد والفتنة بين الرجال والنساء وضرورة تجنب الإثارة والشهوة ولزوم التعفف على المؤمنين والمؤمنات لما له من أثر بالغ على المرأة والرجل وعلى المجتمع بصورة عامة.