منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط

منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط (http://www.noorfatema.com/vb/index.php)
-   اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية (http://www.noorfatema.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎ (http://www.noorfatema.com/vb/showthread.php?t=22719)

معصومة اهل البيت 12-05-2010 02:55 AM

ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 


بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اللهم صل على محمد وآل محمد ..
اللهم : عرفني نفسك فانك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك .
اللهم : عرفني رسولك فانك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك .
اللهم : عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
اللهم : لا تمتني ميتة جاهلية ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني .
اللهم : فكما هديتني بولاية من فرضت علي طاعة من ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه وآله ، حتى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين ، وعليا ومحمدا ، وجعفرا وموسى ، وعليا ومحمدا، وعليا والحسن ، والحجة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين


من هو ذو القرنين ؟





هناك ثلاثة آراء فيه :

1 - قال البيروني و قوم من المفسرين إنه ملك من الحمير في اليمن ، و ملوك اليمن تبدأ اسمائهم بكلمة ( ذي ) و السد هو سد المأرب المعروف ، بيد أن شواهد التاريخ لا تؤيد هذا الرأي ، لأنه لم يعرف ملك من اليمن امتلك الشرق و الغرب ، و لان سد المأرب لا تنطبقعليه مواصفات القرآن للسد .

2 - و دافع الرازي و جماعة عن الرأي القائل بأنه الإسكندر المقدوني ، لانه ملك الشرق و الغرب ، و لان قصته كانت معروفة عند الناس فسألوا النبي عنها ، إلا أنه ناقش في هذا الرأي أيضا بأن الإسكندر كان تابعا لأرسطو ، و تعاليم ارسطو لم تكن إلهية فلا تنطبق عليه آيات القرآن ، علما بأنه لم يعرف عنه بناء سد بتلك الصفات التي يذكرها القرآن .

3 - أما الباحث الهندي المسلم ( أبو الكلام آزاد ) الذي شغل لفترة ما منصب وزارة الثقافة الهندية فقد رأى أنه كان كورش الكبير الذي فتح الشرق و الغرب و قدم بحثا مفصل فـي ذلك و أستدل على رأيه بأن الرجل صالحا حسب ما نقل عن المؤرخين اليونانيين ، مثل هرودوت ، علما بأنهم أعداؤه ، و ان اليهود يقدرونه لانه أنقذهم من أعداء الدين ، و يعتقد أنهـــم إنما سألوا عنه النبي لوثيق العلاقة بينهم و بينه و لوجود إشارة إليه في كتبهم ، و أضاف الباحث أنه وجد في حفريات منطقة الإستخر تمثال لكورش له جناحا عقاب و على رأسه تاج فيه قرن كبش مما يتناسب و معنى ذي
القرنين عند بعض المفسرين .

و أيد رأيه ايضا بأن السد الحديدي الموجود حاليا في جبال " قوقاز " في منطقة تسمى حاليا ( داريال ) بين وادي " ولادي كيوكز " و وادي " تفليس " تنطبق عليهتوصيف القرآن للسد علما بأن كورش هو الذي بناه ، دفاعا عن أهل المنطقة في مواجهة قبائل " يأجوج و مأجوج " المتوحشة التي كانت لهم هجمات على البلاد المتحضرة طوال التاريخ ، حيث كانت الأخيرة منها بقيادة جنكيز خان المغولي (1) هذا . و لكن الأحاديث الواردة في قصة ذي
القرنين تتناسب و هذا القول و الله أعلم .

[84] [ إنا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شيء سببا ]مكن الله ذا
القرنين في الأرض ، و ذلك عن طريق تعريفه بالأسباب و العلل ، فذا القرنين علمه الله أسباب الحياة ، و استطاع عن طريق علمه أن يتمكن في الأرض و يسخر الطبيعة .

[85] [ فأتبع سببا ]
لقد تحرك ذو
القرنين في طريق السبب ، و اختار أحد الأسباب و اتبعه بعد أن أتاه الله من كل شيء سببا ، ان علم الانسان كثير ، و لذلك فهو يختار من بين معلوماته عما يمكن أن يطبق عمليا في إطار حياته المحدودة ، و إذا أراد أن يتبع كل ما يعلم فان حياته لن تكفي لذلك حتما .

سياسة العدل
[86] [ حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة و وجد عندها قوما ]
و صل ذو
القرنين الى آخر الأرض المسكونة غربا ، و حينما وقف هناك رأى الشمس تسقط في بحر أو مستنقع مائي أو ما يشبه ذلك و الانسان إذا كان في البر فانه يرى الشمس و كأنها تسقط في الأرض الملساء ، و إذا كان عند البحر يرى(1) تفسير " نمونه " للشيرازي / ج 12 - ص (545 - 549)و كأنها تسقط في جانب من البحر ، و إذا كان في مكان وراءه مياه آسنة حينئذ يرى الشمس فيها . الحمأة : الطين الأسود العفن ، و يبدو أن المنطقة التي بلغها ذو القرنين غربا ، كانت مليئة بالمياه الآسنة ، حتى اعتقد ان الشمس تسقط فيها ، و يقال : إنه وصل الشاطئ الغربي لمنطقة آسيا الوسطى حيث يرى الشمس و كأنها تسقط في الخلجان العديدة المنتشرة في منطقة ازمير بتركيا ، و لعل المنطقة كانت في ذلك العصر مليئة بالمياه الآسنة لكثرة هطول الأمطار في هذه البقعة من العالم في ذلك اليوم كما تشهد على ذلك البحوث العلمية الحديثة .

[ قلنا يا ذا
القرنين إما أن تعذب و إما أن تتخذ فيهم حسنا ]كان أمام ذي القرنين و هو صاحب السلطة أن يتخذ أحد الطريقين ، اما طريق الجور و الإرهاب ، و اما طريق العدل والإصلاح .

[87] [ قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا ]يقول بعض المفسرين أن الظلم هذا هو الشرك . و أن الله إنما خير ذا
القرنين بين التعذيب و التيسير ، لأن أولئك الناس كانوا كفارا ، و كان يمكنه أن يعذبهم حتى ينزعوا عن الكفر ، كما أنه كان يمكنه أن يبدأهم بالدعوة فمن آمن منهم عدل معه ، و من أشرك عامله بالعنف ، قال العلامة الطبرسي في مجمع البيان : ( في هذا دلالة على أن القوم كانوا كفارا ، و المعنى أما ان تعذب بالقتل من أقام منهم على الشرك ، و أما ان تأسرهم و تمسكهم بعد الأمر لتعلمهم الهدى ، و تستنقذهم من العمى (1) و يبدو أن هذا التفسير أصح و يدل ذلك على : أن السلطة الاسلامية هي السلطة التـــي تتعامل مع الناس حسب معتقداتهم ، و لكنني أرى أن الظلم هنا إنما هو بمفهومه المعروف كإغتصاب حقوق الآخرين ، بدليل قوله سبحانه و تعالى :

(1) مجمع البيان / ج 6 - ص 940

[88] [ و أما من ءامن و عمل صالحا ]
مما يدل على أن السلطة الاسلامية تعامل الناس على أساس أعمالهم و ليس على معتقداتهم ، صحيح ان المعتقدات تنتهي في الاعمال ، و الايمان ينتهي الى العمل الصالح و الشرك ينتهي الى الظلم ، و لكن المهم أن الجزاء ليس بالمعتقدات و إنما على الاعمال .

[ فله جزاء الحسنى و سنقول له من أمرنا يسرا ]
لقد أدى ايمان ذي
القرنين بالله و اليوم الآخر الى اتخاذ السياسة الصحيحة في الحكم و الإدارة ، و هي إتباع العدل و الحق ، و خدمة الناس و تيسير أمور الرعية ، و تحريرهم من الروتين و البيوقراطية التي يتبعها الحكام المنحرفون .

[89] [ ثم أتبع سببا ]
ذو
القرنين إستفاد أيضا من الأسباب ، و استخدم عمله و علمه في طريق آخر نافع .

[90] [ حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ]أين وصل ذو
القرنين شرقا ؟ لا أعلم ، إلا ان المنطقة كانت بدائية حيث أن القوم فيها لم يكن يملكون بيوتا تكنهم من حرارتها ، كما جاء في حديث مأثور عن الباقر ( عليه السلام ) :

" لم يعلموا صنعة البيوت " (1) .

و قال البعض ان المنطقة كانت سهلا بحيث تظلها الجبال و لعلهم كانوا يفتقرون(1) الصافي / ج 3 - ص 262

الى الثياب ايضا .

[91] [ كذلك و قد أحطنا بما لديه خبرا ]
هــذا التحـول من المغرب الى اول المشرق كان دليلا على قدرة ذو
القرنين و سلطته ، و لكنها لم تكن بعيدة عن سلطة الله ، فقد كان الله محيطا به .

[92] [ ثم اتبع سببا ]
[93] [ حتى إذا بلغ بين السدين ]
بين السدين اي بين الجبلين حسب الظاهر ، و قد سبق الحديث عن انه قد يكون في منطقة القوقاز و هكذا تكون حملته شمالية .

[ وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا ]
كانت لغة هؤلاء بعيدة جدا عن تلك اللغة التي كان يتحدث بها ذو
القرنين ، بحيث لم يكد يفقهها ، و إن الله الذي علم الانسان البيان اوجد وسيلة للتفاهم بين الطرفين .

يأجوج و مأجوج
[94] [ قالوا يا ذا
القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض ]
يقال ان يأجوج و مأجوج هي قبائل مغولية بدوية ، كانت تغير على تلك البلاد ، فتعيث فيها فسادا ، و لعل ذو
القرنين قد سار الى تلك البلاد لمقاومة خطرهم ( على تفسير انه كورش الكبير ) ..

[ فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا و بينهم سدا ]
من عادة الملوك الذين يدخلون البلاد انهم يقدمون خدمة للناس ، و لكنهم في مقابل ذلك يستعمرون البلد ، و يستغلون موارده ، و يريدون من اهله ان يوقعوا على وثيقة العبودية الكاملة لهم ، و هؤلاء ايضا ظنوا ان ذا
القرنين من هؤلاء السلاطين و الملــوك ، و يبدوانهم استعدوا لاعطاء المزيد من خيراتهم من أجل درء خطر يأجــوج و مأجــوج عن انفسهم .

و لكن ذا
القرنين لم يطالبهم بالخراج ، أو يأخذ منهم مالا ، و انما .

[95] [ قال ما مكني فيه ربي خير ]
ان الله مكنني و سخر الحياة لي من أجل خدمتكم و خدمة المحرومين و المستضعفين ، ثم اني ابحث عن الطرق المشروعة لاستغلال الحياة ، بلى .. ان السلطة اذا ارادت ان تسخر الناس لاهدافها ، و تستثمر مواردهم ، فانها لا تدوم ، اما اذا عملت من أجل استغلال موارد الطبيعة مثلا ، تستفيد من الاراضي البور و تبدا بتصنيع البلاد و استخراج معادنها ففي ذلك خيرها و خير الشعب .

[ فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما ]
لقد طالبهم ذو
القرنين فقط بطاعته في طريق بناء السد ( الردم ) اي التعاون معه في سبيل انجاز المهمات الصعبة و هذه هي العلاقة المثلى بين السلطة و الشعب .

ذو القرنين أسوة الحكم الفاضل
هدى من الآيات
ماذا فعل ذو
القرنين شكرا لنعمة السلطة و القوة التي وهبها ربه له ؟ و ماذا كان موقفه من هذه الزينة الحياتية ؟ و ماذا ينبغي أن يكون عليه موقف المؤمنين الصالحين من زينة الحياة الدنيا ؟

كل ذلك مما تذكره هذه الآيات الكريمة ، في سلسلة أحاديث القرآن في سورة الكهف ، عن علاقة الانسان بالطبيعة ، لقد بنى ذو
القرنين سدا منيعا لا يخترق لقوم لا تربطه بهم علاقة الا علاقة الخدمة الانسانية ، و رفض أن يأخذ منهم أجرا أو يطالبهم بشكر ، انما هو الذي شكر ربه الذي وهب له هذه القدرة .

و لقد شكر ذو
القرنين ربه مرتين ، مرة حينما استخدم القدرة في سبيل منفعة الناس و مرة حينما استخدم عمله وسيلة لهدايتهم ، و كشف للناس ان هذه القوة مما وهبه الله له من فضله و عرف بأن حاجة الناس الى الرسالة و الهداية أعظم من حاجتهم الى قوته و سلطته ، فاستخدم تلك اللحظة التي شعر فيها أولئك الذين كانوا

يتعرضون لهجوم مرعب كل عام مرتين بالأمن و الراحة عندما رأوا ان الله قد أنقذهم على يديه ، استغل ذو
القرنين تلك اللحظة في سبيل توجيه الناس و هدايتهم ، و هذا منتهى ما يستطيع أن يقوم به صاحب سلطان أو صاحب قوة ، فهو حين يعطي ماله - مثلا - فيشبع جوعة مسكين أو يغني فقيرا ، أو يؤوي يتيما ، لا يكتفي بذلك ، و انما يبدأ بهداية ذلك الفرد ، فيقول : هذا المال ليس لي ، و انما هو لك ، و انه فضل من ربي ، ان الله قد يعطيك خيرا من هذا المال ، و هكذا يتحدث اليه فيفيده بحديثه اكثر مما يفيده بماله .

جاء للامام الحسين ( عليه السلام ) فقير يطلب منه حاجة ، فأخذ أربعة آلاف درهم و جعلها في طرف عباءته ، ثم فتح جانب الباب و دفعها له ، مستحييا منه لكي لا يجعل الفقير يحس بالخنوع ، و لكي يربيه و يزكيه ، و يبين له ان اعطاء المال بحد ذاته ليس خدمة ، وانما الخدمة الحقيقية هي الإسلوب المهذب المتواضع ، و بالتالي فان الامام يعطيه من التربية اكثر مما يعطيه من المال .

و الامام علي ( عليه السلام ) يأتيه رجل و يطلب منه حاجة ، فيشير اليه الامام بأن : أكتب حاجتك ، ولا تقلها مشافهة .

لكـي يوفر عليه ماء وجهه ، و بذلك يعطيه من التربية اكثر مما يلبي حاجته المادية .

هذا هو الموقف السليم الذي يجب ان يتحلى به المؤمنون ، فيشكرون ما اعطاهم الله عليهم من فضله و يبنون علاقتهم بالآخرين على هذا الأساس .

و هناك درس آخر نستفيده من الآيات و هو : موقف الناس من صاحب السلطة ، و أنه مهما كان عليه ذو
القرنين من سلطة كبيرة و عظيمة ، فان هذه السلطة من الله و بالله و الى الله ، و يوم القيامة يحشر الناس الى ربهم لا الى سلاطينهم أو أغنيائهم ،و كل الناس في يوم القيامة سوف يختلطون ببعضهم و يموج بعضهم في بعض ، من دون ان يعرف هذا سيد و هذا مسود ، و هذا كبير و هذا صغير - بل يكونون كالنحل الذي يدخل بعضه في بعض عند الخلية من دون ان تكون هناك ميزة لواحدة دون أخرى - لا لكبير على صغير ، ولا لرجل على أنثى ، و لا لشيخ على شاب ، لأن الناس سيقفون على صعيد واحد عندما يحشرون الى ربهم ، اذن فلتسقط هذه الاعتبارات الذاتية ، و ليرتفع الانسان الى مستوى القيم .

بينات من الآيات
بناء السد
[96] [ ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين ]
أي وفروا لي قطع الحديد ، و الزبر هي القطع المجتمعة من شيء ، سواءا كان ماديا كالحديد أو معنويا كالفكر ، فالكتاب السماوي يسمى زبورا لان فيه افكار مجتمعة الى بعضها ، و كذلك الحديد الذي يجتمع الى بعضه يسمى ايضا زبرا .

و بعد ان طلب أهالي البلاد من ذي
القرنين ان يساعدهم في محنتهم ، جمعهم ذو القرنين و نظم قواهم ، و طلب منهم أن يجمعوا قطع الحديد التي كانت متوفرة في بلادهم ، ثم أمرهم بأن ينفخوا في النار حول هذه القطع الحديدية ، فاشعلوا النار و أخذوا ينفخون فيها كماينفخ أصحاب صناعة الحديد قديما في النار بطريقتهم الخاصة.

[ قال انفخوا حتى إذا جعله نارا ]
التهب الحديـــد من شدة النار و هكذا التحمت القطع الحديدة ببعضها ، و لم يكتف بذلك بــل .

[ قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا ]
ثم طالبهم بأن يأتوا اليه بالنحاس المذاب ، ثم يصبونه على القطع الحديدية المحماة ، ثم يتركونها مدة حتى تبرد ، فاذا بسد عظيم بين الجبلين مبني من قطع الحديد المتلاصقة ببعضها ، وعليها النحاس .. يزيده قوة لان الحديد تتضاعف قوته مع النحاس كما يقول اصحابالفن ، يسد الخلل بين قطع الحديد . و يمنع عنه الصدأ .

و اذا كان هذا السد هو الموجود حاليا في منطقة القوقاز فان سلسلة الجبال التي تشكل حاجزا طبيعيا بين مناطق المغول و منطقة القوقاز تكون قد اكتملت بهذا السد و اصبحت كحائط عظيم حيث ان مكانه هي الثغرة الوحيدة في المنطقة و لقد كان من أروع الانجازات المعمارية في ذلك اليوم و لعله حتى اليوم يعتبر أقوى سد في العالم.

[97] [ فما استطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا ]كان مرتفعا بحيث لم يستطيع يأجوج و مأجوج أن يتسلقوه ، و كان متينا بحيث لم يستطيعوا ان ينقبوا من تحته نقبا ، و لعل ذا
القرنين كان قد حفر حفيرة كبيرة و جعل الجدار الحديدي راسخا فيها بحيث لا يمكنهم النقب أيضا على المنطقة الصخرية الصلبة .

ان كل ما قام به ذو
القرنين ، اعطاء الخبرة ، و تنظيم قوة الناس في بناء هذا السد ، فهو لم يأت بالحديد ، و لا بالقطر ، و لا بالقوة البشرية من بلده ، كل الامكانات كانت موجــودة و متوفرة ، و مع ذلك لم يتمكن أهالي تلك البلاد من الاهتداء الى مثل هذا العمل ، أما للاحتلافات الموجودة بينهم ، أو لعدم تنظيم قواهم ، أو لنقص في خبرتهم الحضارية ، فلم يعرفوا أنه من الممكن ان يجمعوا قطع الحديد الى بعضها ، و يفرغوا عليها قطرا حتى تصبح سدا منيعا ، و هذا ما يؤكد علىان السلطة القويمة هي السلطة التي تجمع قوى الناس و تعبؤها في سبيل مصلحتهم .

نحن نرى بلادنا تفتقر الى الصناعات الثقيلة برغم توفر كل الإمكانات لديها لإنشائها . لماذا ؟

لأن ذلك يستدعي تعبئة طاقات الامة كلها ، فالسلطة يجب ان تبني الجامعات لكي تتوفر الكوادر القيادية من العلماء ، و الفنيين ، و الاخصائيين ، الذين يمكنهم الاستفادة من الإمكانات البشرية ، و المادية بهذه الأمور ، و هذه هي الفوائد الاساسية للسلطة الحكيمةو عليها ان تستخرج المعادن ، و تبني المشاريع الضخمة لتوفير الطاقة من بترول و كهرباء و عليهــا ان تمد الجسور و الطرق . و تبني الموانــئ ثم توفــر الخطة و المال و القوانيــن المنسقة من أجل بناء صناعات ثقيلة ، و هناك يبدا دور التعب في السعي و الكد و الأبـــداع .

وعد الله
[98] [ قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكـاء و كان وعد ربي حقــا ]
أظهر ذو
القرنين في تلك اللحظة التي أعجب الناس فيها بعبقريته و اكبروه ايما اكبار أظهر عجزه امام الله لكي لا يفتن الناس به انما يعبدوا ربهم ، انه قال : ان هذا السد سد منيع و هو عمل حضاري عظيم ، و لكن سيتهاوى حينما يأتي وعد الله ، يوم القيامة أو يومظهور الحجة ، أو يوم انتهاء مفعول السد تتقدم البشر حضاريات كعصرنا اليوم ، أو يوم يضعف ايمان الناس الذين كانوا أمام السد ، لا نعلم انما المهم انه في اليوم الموعود سيتهاوى السد ، و الأمور كلها بيد الله .

انه وعد الله يأتي حتما و ليس في ذلك أي ريب ، و على الناس أن لا يناموا علىحرير الأمل ، و انما يكون عندهم احساس بالخطر المستقبلي ، فيعملوا كل ما في وسعهم لتفاديه .

[99] [ و تركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ]
الناس يصبحــون و كأنهم النحـل ، أو كأنهم الطير في السماء يختلط بعضهم ببعض ، و تنعدم الميزات كلها بينهم .

[ و نفخ في الصور فجمعناهم جمعا ]
عندما ينفخ في الصور يوم القيامة ، فان كل الناس يأتون فورا و دون أي تلكؤ فلا أحد يرفض ، و لا أحد يتكبر ، و لا أحد يتكاسل ، و هذا دليل عجزهم ، و دليل شعورهم بالتسليم المطلق لأمر الله ، و الذي كان ينبغي ان يكون عندهم في الحياة الدنيا و لم يكن .

[100] [ و عرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ]
يرى الكافرون يومئذ طبقات جهنم و دركاتها الملتهبة ، و حياتها الرهيبة كالتلال و عقاربها الضخمة كالبغال ، فيمتلؤون رعبا و يأسا ، و يعتصرهم الندم على ما عملوه في الدنيا ولات حين مندم .

[101] [ الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري ]
هذا الغطاء هم الذين وضعوه على أعينهم ، باتباعهم لأهوائهم و شهواتهم ، و بخضوعهم للتضليل الاعلامي الكافر الذي يحاول جهده في أن يحجب أنوار الحقيقة عن أعين الناس ، الا ان ذلك الغطاء سيتمزق يوم القيامة فيرى أصحابه ما ينتظرهم من مصير أليم و عذاب مقيم .

[ و كانوا لا يستطيعون سمعا ]
لقد أغمضوا عيونهم ، و جعلوا بينهم و بين رؤية الذكر غطاءا من كبريائهم و غفلتهم و عنادهم كما جعلوا في آذانهم وقرا ، و ذلك الوقر هو الآخر نابع من كبريائهم و غطرستهم و تعاليهم الكاذب .
جزاء المشركين
هدى من الآيات
عادة ما تكون بدايات السور القرآنية و نهاياتها تلخيصا لموضوعها الرئيسي ، و القاء للضوء على مجمل الأفكار التي بحثت في آياتها .

و في نهاية سورة الكهف التي حدثتنا عن سلسلتين متوازيتين و مرتبطتين مع بعضها من الأفكار ، و هما الحديث عن موقف الانسان من الطبيعة و زينة الحياة الدنيا ، و الحديث عن العلم و الذكر و كيفيية الحصول عليهما ، نجد تلخيصا لهذين المبحثين .

الدرس الأخير يحدثنا عن أولئك الذين يتخذون عباد الله من دونه أولياء و لعل مناسبــة الحديث ذكر قصة ذي
القرنين صاحب السلطة الشاملة الذي لم يكن سوى عبد صالح . و لم يكن لأحد ان يعبده من دون الله و هكذا تخوف آيات هذا الدرس من يعبدون البشر ، و تحذرهم بأنجهنم هي مصيرهم المحتوم ، ثم تشير الى جذر هذه المشكلة و هي التبرير و الخداع الذاتي ، حيث يعتبر ذلك في الواقع من أخطر الأمراضالفكرية التي تواجه البشر .

ان المصاب بهذا الداء يعتقد أن ما يعمله صالح ، بينما هو في جوهره فاسد ، و هكذا تصبح كل تطلعاته الخيرة وراء ذلك العمل ، و تصبح وقودا للسير الحثيث في الطريق الخطأ ، فلا يصل الى شيء من أهداف ، بل يجد كل الخسارة في انتظاره .

و هذا الداء لا يصاب به الانسان الا في المراحل المتقدمة من ضلالته ، ففي البداية تظل النفس اللوامة تحذره من الانحراف و نتائجه الوخيمة ، و يطل ضميره يوبخه ، كما ان عقله يظل يضيء له شيئا من الطريق الصواب ، بالاضافة الى أنه كثيرا ما يجد من ينصحه و يعظهو يبين له الحقائق ، لهذا يبقى له امل بأن يقوم ما أعوج من أمره .

و لكنه اذا استمر وعاند ، فانئذ يسلب الله منه ضميره و عقله ، و يجعل على بصره غشاوة و في سمعه وقرا ، و يختم على قلبه ، و ينفض الناصحون من حوله ، ليحل محلهم من يزين له السوء و يشجعه عليه ، فينتهي به الأمر الى أن يكون شيطانا مريدا .

ثم يبين القرآن حقيقة هامة هي : ان ما يحسبه الانسان ذا شأن خطير في حياته الدنيا ، من مال ، و بنين ، و جاه ، و سلطة و ما اشبه هو عند الله تافه الا اذا سار في طريقه المستقيم .

و فور ما يحدثنا القرآن عن ضلالة الانسان في الحياة الدنيا ، يذكر لنا هذه الشهوات التي تحجب قلب الانسان و توقعه في وهدة الضلالة ، و تكون السبب في وصوله الى ذلك الدرك الأسفل ، حيث يعمل شرا و يحسب أنه عمل صالحا .

ثم يعرج القرآن الى الجانب الآخر حيث المؤمنون الصالحون عملا يسكنون الفردوس و هي أعالي الجنان ، و حينما يدخل الانسان ذلك المكان يجد أنه قد خلقله ، فلا يجد في نفسه طمعا و لا طموحا ولا تطلعا آخر ، لأن جنة الفردوس هي في مستوى طموحاته و تطلعاته ، ذلك الانسان الذي لا يرضيه شيء في الدنيا ، و الذي اذا حصل على القارات السبع فانه يريد أن يصعد الى النجوم و يحصل عليها ، و عندما يرى الجنة يقول : كفانيو لا أريد عنها انتقالا .

و بالمقارنة بين هاتين الصورتين ، صورة الانسان الذي تتحقق طموحاته كلها في الآخرة و صورة الانسان الذي يعيش في الدرك الأسفل . هناك ، و هو يحسب أنه كان يحسن صنعا في الدنيا نتوصل الى معرفة الفرق بين طريق الحق ( و هذه نهايته ) و طريق الضلال ( و تلك عاقبته ) .

هذه الحقائق هي من كلمات الله التي لا تنفد ، و هي المعارف و الهدى و التوجيهات التي هي انعكاس عن سنن الله في خلقه للطبيعة و الانسان ، و لذلك على الانسان أن لا يغتر بعلمه المحدود و يعتقد أنه قد فهم كل شيء ، فهذا الغرور هو الذي يسبب اعتقاده بأنه على الصراط المستقيم ، بينما الحقيقة عكس ذلك تماما .

و تنتهي هذه السورة بتلخيص فكرة الاستفادة من فيض هذه الكلمات التي لا تنفد و لو كان البحر مدادا لكتابتها ، و هي عبادة الانسان لله ، و اخلاص طاعته له ، و العمل برجاء لقائه .
بينات من الآيات
[102] [ أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ]
ان اكثر الكفر لا يكون بانكار وجود الله ذاته ، و انما يتخذ صورا اخرى و من أهمها : انكار ولاية الله و حاكميته التشريعية على البشر ، فنجد كثيرا من الكفار في الازمنة السابقة و هكذا في زماننا الحاضر يقرون بأن الله هو خالق السماوات و الارض و كل ما فيهما، و لكنهم يضعون تشريعات من عندهم لادارة حياتهم

اجتماعيا ، و سياسيا ، و اقتصاديا ، و غير ذلك بزعم أن الله لم ينزل تشريعا سماويا عليهم ، بل تركهم في هذه الحياة سدى .

[ إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ]
ان زعم هؤلاء لا يقوم على حجة سليمة ولا على دليل مقنع ، بل ان كل الحجج و الأدلة المنطقية تناقضه و تؤيد ما هو ضده ، و لذلك فانهم بهذا يعرضون أنفسهم لسخط الرب الذي أعد لهم مكانا يليق بهم و هو جهنم .



النور الفاطمي 12-05-2010 10:58 PM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

معصومة اهل البيت 13-05-2010 02:49 AM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
مشكوره خيتوة ع المرور بصفحتي

نعمة الله 13-05-2010 07:54 AM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
الله يعطيك العافية
طرح جميل

معصومة اهل البيت 13-05-2010 04:34 PM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
مشكوره خيتوة ع المرور بصفحتي

زينبية محمدية 13-05-2010 04:52 PM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
بسم الله الرحمن الرحيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

معصومة اهل البيت 15-05-2010 12:38 AM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
مشكوره خيتوة ع المرور بصفحتي

لؤلؤة الزهراء 04-06-2010 07:12 PM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
موضوع رائع ..

مشكورة ..

بارك الله فيك خيو ..

يسلمو ..

معصومة اهل البيت 05-06-2010 08:31 PM

رد: ذكرى ولادة ذو القرنين 28 جمادى الأول‎
 
مشكوره خيتوة ع المرور بصفحتي


الساعة الآن 12:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir