بحث تاريخي حول أربعينية الإمام الحسين عليه السلام

[فرقان]

اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

بحث تاريخي حول أربعينية الإمام الحسين عليه السلام

إشكال وجواب

قد يُقال إنَّه ربما كانت حركتهم من الكوفة في يوم الثالث عشر من محرم، وكانت حركهم حثيثة، إذ لم تكن هناك مراعاة لحال النساء والأطفال، فيمكن في هذا الفرض أن يكونوا قد وصلوا إلى الشام يوم العشرين أو الثاني والعشرين من محرم، ويكون بقاؤهم في الشام عشرين يوماً، فيكون وصولهم إلى كربلاء في شهر صفر. هذا كلامٌ مستبعد جدا؛ وذلك لأمور
أولا

قلنا إنَّ ثمة نصوصاً تأريخية أفادت أنَّ وصولهم إلى الشام كان في غرة صفر
ثانيا

الذي ذكره المؤرخون هو أنَّ قافلة الحسين عليه السلام لم تسر من الكوفة إلى الشام مباشرة بعد مقتل الحسين عليه السلام ، بل إنّ عُبيد الله ابن زياد أخزاه الله بعد أن قتل الحسين عليه السلام بعث برسالة إلى يزيد (16)
يسأله عمَّا يصنعه مع القافلة، وهذه الرسالة تحتاج في وصولها ليزيد أخزاه الله ثم رجوعها ثانية إلى مدةٍ لا تقلُّ عن خمسة عشر يوماً بواسطة البريد يوماً، فمتى ذهبوا، ومتى رجعوا؟
فإذن هذا الإحتمال مستبعد جداً
الكثير من فقهائنا ومؤرخينا استبعدوا ذلك على أنَّ استبعاد وصول القافلة يوم العشرين من صفر ذهب إليه جمع من العلماء، كالمحدِّث القمي الشيخ عباس القمي صاحب المفاتيحلا، وكذلك المحدِّث النوري صاحب مستدرك الوسائل ، وكذلك العلامة المجلسي صاحب البحار ، وكذلك السيد ابن طاووس أيضا استبعد وصول أهل البيت عليهم السلام إلى أرض كربلاء يوم العشرين من صفر (17)
قافلة السبايا وجابر الأنصاري قد زاروا الحسين عليه السلام في غير يوم الأربعين
وبما ذكرناه يترجَّح عدم وصول قافلة الحسين عليه السلام إلى كربلاء يوم الأربعين، وهذا لا يعني أنَّ قافلة الحسين عليه السلام لم ترجع إلى كربلاء بعد الخروج من الشام فإنَّ هذا لا إشكال فيه وإنما الإشكال في وصولهم يوم الأربعين والتقائهم بجابر الأنصاري وأنَّ رؤوس الشهداء قد رُدَّت إلى كربلاء في العشرين من صفر؟
كما يقول الشاعر

قم جدد الحزن في العشرين من صفر ففيه ردت رؤوس الآل للحفر

يعني أنَّ رؤوس آل البيت رُدَّت يوم العشرين.

هذا المقدار هو الذي نستبعده، ولا نستبعد زيارة جابر، بل وردت عليها روايات عديدة (18) ، ولا نستبعد زيارة أهل البيت في كربلاء؛ لأنه وردت روايات بأنَّ السجاد عليه السلام قد رجع من الشام، وسار إلى طريق كربلاء، وبقي ثلاثة أيام زائراً للحسين عليه السلام ووردت عندنا روايات عديدة أفادت أنَّ السجَّاد عليه السلام قد ردَّ رؤوس الشهداء، ورأس سيد الشهداء إلى القبور (19) هذا المقدار يمكن التثبُّت منه والذي نستبعده هو وقوع ذلك يوم الأربعين

إشكال

دلَّت الروايات على التقاء جابر الأنصاري رضي الله عنه بالإمام السجاد عليه السلام قد تقول إنَّ عندنا روايات أفادت، بأنَّ جابراً الأنصاري قد التقى بعلي بن الحسين عليهما السلام
والجواب

أنَّه بعد تمامية دعوى الإستبعاد يمكن البناء على احتمالٍ حاصلة إنَّ جابر بن عبدالله الانصاري قد خرج من الحجاز قاصداً زيارة الحسين عليه السلام ، ووصل إلى كربلاء يوم الأربعين، فلذلك حظي بشرف أوَّل زائرٍ للحسين عليه السلام فأوَّل زوّار الحسين عليه السلام هو جابر بن عبد الله الأنصاري ثم إنَّه ربَّما زار الأمام الحسين عليه السلام مرَّة أخرى -حيث نستبعد أنه زار الحسين مرَّةً واحدة ، وخصوصا أنه وردت عندنا رواية مفادها أنَّ جابراً كان برفقة عطية العوفي، ثم قال له: اذهب بنا إلى بيوت كوفان (20) فيمكن أن يكون جابر بن عبد الله قد ذهب بعد زيارة الحسين إلى الكوفة، ثم رجع بعد ذلك قبل ذهابه إلى الحجاز، لتجديد الزيارة، وعندها التقى بقافلة الحسين عليه السلام ، وأنَّ ذلك لم يكن في يوم الأربعين، وإنما كان في يومٍ آخر غير يومِ الأربعين