رد: ماهو الدين ؟
ما هو الدين؟
(القسم الثالث)
والعلم بالذات علمٌ بجميع شؤونها، ومن شؤونها ذلك العلم الذي جعلناه عين الذات، فالعلم بالذات علمٌ بالعلم، وهو في عالم الإثبات أيضاً، وهو معرفة النفس التي أكدت عليها الأحاديث الشريفة كثيراً وجعلت معرفة الله متوقفة عليها.
والعلم متقوم بجهتين:
بالمعلوم من جهة، إذ حين تقول أنا علمت، سيقال لك علمتَ بماذا؟ فلا بد من متعلق للعلم.
ومتقوّم بالعالِم، إذ لا يكون هناك علم بدون عالِم.
والمقصود بالتقوّم الثبوت، والعينية وكلها لا تكون إلا بالله سبحانه الذي يقوم العالِم والمعلوم [إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً] (فاطر : 41).
ثم إن بين العالم والمعلوم سرّاً مستودعاً يجعل العالِم يبحث عن المعلوم ليلتقي به، فالعلم في عالم الإثبات يبقى ناقصاً يشعر في ذاته بالقلق؛ لأنه ليس من عالم الثبوت الأصيل، فهناك حبّ للمعرفة والعلم في سرّه يجعله قلقاً حتى يلتقي بالمحبوب.
فيشعر العالم دائماً بنقص ذاته في عالم الإثبات وقصورها عن ذات الله سبحانه.
ويكون هناك خط دقيق فاصل بين جهتين من المخلوق، الجهة التي خلقه الله بها تكون هيمنة وقهارية وإحاطة، والجهة التي ينظر بها المخلوق إلى غير الله، فهو في سره يحمل لمسة العلاقة بالله، ولكنه لا يستطيع أن يقلب قلبه إلى الداخل، لأن شخصيته كلها من عالم الإثبات، والإثبات لا يتحول أبداً إلى ثبوت.
وهناك حبّ في داخله للتوجه إلى الله نشأ من علاقة عالم الثبوت بالإثبات.
....
وللكلام تتمة
__________________
|