الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَّآل مُحَمَّد وَعَجِّل فَرَجَهُم
وَالْعَن اعْدَائِهِم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا
وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا
من خلص شيعته
ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على
سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وتنتصر قوى الإيمان،
فيعلن محمد (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بقوله:
« والذي نفسي بيده إنّ العذاب تدلّى على أهل نجران،
ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم
الوادي ناراً ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطَّير
على الشّجر ، ولما حال الحول على النَّصارى
كلَّهم حتّى هلكوا »(1).
وهذه الواقعة التاريخية، وهذه الآية المباركة التي
نزلت لتبيان معالمها تجلّي لنا بوضوح
مقام الزَّهراء (عليها السلام) عند الله سبحانه ورسوله
(صلى الله عليه وآله) حيث وصفتها الآية
بـ « نساءنا »
وهي على هذا الأساس نموذج العنصر النسائي
في المعسكر الإسلامي الكريم، ولا مثيل لها في النساء
على الإطلاق، ولذا باهل بها رسول الله بأمر السماء،
ولو وجد خيراً منها تقىً أو ورعاً أو كرامة
عند الله سبحانه لقدّمها لهذا المقام الرفيع،
ولكنّها ـ فاطمة الزهراء (عليها السلام) ـ
التي طهّرها الله سبحانه من الرّجس فارتفعت إلى المستوى
الذي جعل منها ممثلة لجماهير النّساء في
معسكر الإيمان لكي يقتدين بها،
سيّما بعد أن سبقتهن بهذه الدرجة الرفيعة.

وليست الزهراء (عليها السلام) وحدها قد ربحت
قصب السبق في هذا المضمار، ولكنّ بعلها عليّاً
(عليه السلام) هو الآخر قد جعله الله ومحمداً
(صلى الله عليه وآله) نفساً واحدةً
« وأنفسنا » دون استثناء،
فالرسول (صلى الله عليه وآله) وعليٌّ (عليه السلام)
الممثّلان الوحيدان لعنصر الرّجال في معسكر
الوحي لكي تقتدي الأجيال بهما بعد نيلهم
لهذه الدرجة العالية في مضمار التّقى والإيمان
التي لم يبلغهما غيرهما من الواقفين تحت
راية التّوحيد.
والحسنان (عليهما السلام) ـ هما الآخران ـ
اللذان كسبا الربح فهما ـ على حدّ تعبير الآية الكريمة
ـ ولدا محمد وعلي (عليهما السلام)
في آن واحد « أبناءنا »
وهما على هذا الأساس سادة الأبناء وقدوتهم في دنيا
المسلمين ، وهما ـ وحدهما ـ اللذان يملكان
حقّ تمثيل شباب الأُمة في مباهلة النّصارى
لأنّ استجابة الله سبحانه تكون مضمونة ومكفولة
وحتميّة الوقوع.
(1) نور الابصار | الشبلنجي.
3ـ « قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى ».
عن ابن عباس وسعيد بن جبير (رض):
لما نزلت هذه الآية. قيل:
يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت
علينا مودّتهم ؟
قال (ص): عليٌ وفاطمة وولداهما(1)
وعن جابر، قال:
« جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا محمد ، اعرض عليّ الإسلام، فقال:
تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وان محمداً عبده ورسوله.
قال : تسألني عليه أجراً؟
قال (صلى الله عليه وآله) لا، إلاّ المودّة في القربى.
قال : قرباي أم قرباك ؟
قال (صلى الله عليه وآله): « قرباي ».
قال: هات أُبايعك ، فعلى من لا يحبُّك ولا يحبُّ قرباك
لعنة الله.
قال (صلى الله عليه وآله): آمين.
وعن عليّ بن الحسين (عليهما السلام)
وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وعن أبي جعفر
وعن أبي عبدالله (عليه السلام) مرفوعاً
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أنّه قال (ص) حين سئل عن مفاد هذه الآية:
« أن تودوا قرابتي »(2).
وحين ترتفع هذه الآية الكريمة إلى هذا المستوى
في تأكيد محبّة أهل البيت ـ فاطمة وبعلها وبنيها ـ ،
فإنّما توضح للأُمة الإسلامية واجيالها المتعاقبة
الدرجة العالية التي بلغها أهل البيت (عليهم السلام)
في مضمار التقرُّب إلى الله ـ سبحانه ـ
والسير وفقاً لمنهجه السويّ،
فالرسول (صلى الله عليه وآله) حين يسأله بعض
المسلمين ما الأجر قبال جهوده المفنية في
بث الدعوة وتثبيت كيانها ونشر معالمها في الأرض؟
حين يسأله هؤلاء عمّا يبتغيه من أجر إزاء متاعبه
في بثّ منهج الله يرفض كلّ أجر قبال ذلك لسببين:
1ـ لعلمه أنّ الله سبحانه سيوفيه أجره
كاملاً لا نقص
فيه حين يفد إليه في الدّار الاخرى حيث النّعيم الدّائم.
2ـ إنّ البشر ـ مهما أُوتوا من حول وطول ـ
غير قادرين على منحه من أجر غير الأجر المادي
المتمثّل بالمال أو الزّوجة أو الأجر المعنوي المتمثّل
بالثناء أو المنصب وما يشبههما،
وكلا الأجرين مقطوعان بانقطاع المرء عن الدُنيا.
وإذا كان محمد (صلى الله عليه وآله)
غير محتاج إلى أجر أُمته المنقطع لذاته،
فقد سألهم أجراً، ولكنّهم هم الذين يستوفونه،
ذلك الأجر هو مودّة أهل بيته (عليهم السلام)
والسيرعلى هداهم لأنّهم ـ وحدهم ـ منار الشّريعة
ومهبط الوحي والتنزيل.
(1) ينابيع المودّة للقندوزي.
(2) مجمع البيان | الطبرسي.
لقد سأل أجراً لكنّهم يجنون ثماره، فبمودّتهم لأهل البيت
(عليهم السلام) وسلوكهم سبيلهم يدركون العزّة
وينأون عن الفرقة التي تحصل باتّباع سواهم،
فالأُمّة حين تلتزم جانب أهل البيت قربى
محمد (عليهم السلام) فإنّما التزمت جانب
المنهج الإلهي الكريم باصالته وجوهره السماويين
بعيداً عن كلّ تحريف وشائبة.
ومن أجل هذه الحقيقة خاطبت السماء محمداً
(صلى الله عليه وآله) ليسأل أُمته أن تحدب
على أهل بيته الأماجد (عليهم السلام)،
لأنّ ذلك يمثّل الأجر الذي تدفعه الأُمة لرسولها (عليه السلام)،
بل يمثل الضريبة الثابتة التي تدفعها الأجيال
لمحمد (صلى الله عليه وآله) دون سواها،
لكنّ هذه الضريبة وهذا الثمن تدفعه الأُمّة ذاتها
لذاتها لأنّ كرامتها وسؤددها أُنيطت بعطفها وحنانها
ورعايتها واتباعها لأهل البيت (عليهم السلام)
الذين يمثّلون الإمداد الرسالي لمحمد
(صلى الله عليه وآله)
وحين يسأل محمد (صلى الله عليه وآله)
هذا الأجر دون سواه فإنّما أراد أن يوضح للأُمة
الشوط البعيد الذي قطعه أهل بيته من الكرامة عند الله،
وهذا الأجر بعد ذلك قد اقترحته السماء على
محمد (صلى الله عليه وآله) ليناله من أُمته فردّدت
الآفاق صدى بيان الوحي:
« قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى »
(1)
وهكذا تبرز آية المودّة قيمة الزهراء(عليها السلام)
وبيتها الطاهر،
ملزمة الأُمّة بحبها واحتضان نسلها المبارك لتكون
الأمّة بعد ذلك قد دفعت الأجر الذي كلفت بدفعه
لقائدها المنقذ محمد (صلى الله عليه وآله).
(1) سورة الشورى آية | 22.
وصلّ الله على محمد وآل محمد
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
ونسالكم صالح الدعاء,,,
__________________
التوقيع
فان نهزم فهزامون قدما *
وإن نهزم فغير مهزمينا
وما إن طبنا جبن ولكن *
منايانا ودولة آخرينا
فقل للشامتين بنا افيقوا *
سيلقى الشامتون كما لقينا
إذا ما الموت رفع عن أناس *
بكلكله اناخ بآخرينا
( اللهم إنه لم يمس أحد من خلقك أنت إليه أحسن صنيعا، ولا له أدوم كرامة ولاعليه أبين فضلا، ولابه أشد ترفقا، ولا عليه أشد حيطة ولاعليه أشد تعطفا منك علي، وأن كان جميع المخلوقين يعددون
من ذلك مثل تعديدي فاشهد ياكافي الشهادة بأني اشهدك بنية صدق بأن لك الفضل والطول في إنعامك علي وقلة شكري لك فيها.
يا فاعل كل إرادة، صل على محمد وآله، وطوقني أمانا من حلول السخط لقلة الشكر،
وأوجب لي زيادة من إتمام
النعمة بسعة الرحمة والمغفرة، أنظرني خيرك ...ولا تقايسني بسوء سريرتي، وامتحن قلبي لرضاك، واجعل ما تقربت به إليك في دينك خالصا ولاتجعله للزوم شبهة ولا فخر ولا رياء ياكريم،
اللهم أرفل ببركاتك ونعمائك ورضوانك على حبيبتي
أحلى قمر
نسأل الجميع براءة الذمة.....