أكمل محمد عامه الثاني ..
وبدأ يمضي أكثر أوقاته في منزل جدته ..
ام ياسر ..
فثائر ظروف عمله تغيرت واصبح يغيب كثيرا نتيجة تدهور الوضع الأمني في جنوب البلاد .. فالعدو احتل عدة قرى جديدة وارتكب مجازر كبيرة بحق ابناء الوطن ولكنهم عادوا وانسحبوا من القرى التي احتلوها بفعل المقاومة الذي استشهد منهم الكثير في المعارك الاخيرة التي جرت.
بدأ الوضع في البلاد يستقر نسبيًا فالعدو انحسر تواجده في المدينة الكبرى وبعض القرى المحيطة بها ولكن ثائر كان مضطرا للبقاء في العمل لأسابيع متتالية لا يأتي فيها الى البيت الا لأيام .. كثرت زيارات هبة لمنزل عمتها فكانت تنام عندهم طيلة فترة غيابه .. وعندما يعود كان يحاول جاهدًا ان يخصص بعض الوقت للجلوس مع حبيبة قلبه وأنيسة روحه لو على حساب راحته ..
كان متلهفا عليها ومشتاق لها وهي ايضًا
ولكنها مع الوقت بدأت تتعب وتتضعف امام اغراءات هذه الدنيا الدنية ..
ابنها يكبر واصبح ينادي عمه ياسر " بابا "
وهي أجمل ايام شبابها تمضيها وحيدة
تنظر للناس حولها كيف يعيشون ويمضون ايامهم ..
ولا احد غير زوجها يحمل هم القضية ..
بدأت تتأثر من جديد بنمط حياة ياسر ونسرين ..
استسلمت لنفسها الأمارة بالسوء ..
لم تقربها الأزمة النفسية_ التي تمر بها جراء غياب زوجها _ من ربها ..
بل استطاع الشيطان ان يبعدها اكثر ..
فتندم في بعض الأوقات على زواجها بثائر
ولم تعد تستغل الزيارات الخاطفة لحبيبها ..
فتحسن تمضيتها الى جواره وفي حضنه وفراشه ..
بل كانت تنكد عليه .. وتجرحه بالكلام وتقسو عليه وهو يتحمل ويمتص نوبات غضبها لأنه يقدر ظروفها ..
" مرحلة وستنتهي وتعود هبة الى سابق عهدها "
ولكنه مع كل مرة يعود فيها يشعر وكأنه لم يعرف هذه المرأة
وانها ليست الزوجة التي اختارها شريكة حياة وآخرة ..
الحوار بينهما جدال عقيم .
. هو يعيش في عالم ملكوتي وهي تريد ان تجعله يحيا في عالمها
ولكن ثائر لم ييأس وظل يضع لها المبررات
ويحملها على 70 محمل حسن ..
في كل مرة تـتهمه فيها بالتقصير بحقها ..
وإهمالها كان يحاول ارضائها ويعدها ان الظروف وبفضل الله
وبقليل من الصبر سوف تتحسن
وسوف يعود ليبقى معهم طويلًا ..
كان يطلب منها الصبر واحتساب الأجر وطلب الآخرة وجنة عرضها السموات والأرض ..
وسفرات ورومنسية وشموع وحب ..
فخارت قوى النفس امام وسوسات الشيطان ..
فاختارت في لحظة ضعف هذه الدنيا بمباهجها المزيفة ..
وثائر انهكه حال زوجته وهو الذي يريدها اقوى من اي وقت لتسانده في ما يمر به ..
في آخر لقاء لهما قبل رحيله نشب بينهما خلاف كبير
كانت هبة تبكي وثائر يحاول تهدءتها ..
ومسك اعصابه لأخر اللحظة فهو يقدر بصدق ما تعانيه هذه الزوجة المسكينة ..
وكبير الحب الذي يكنه لها في قلبه ساعده على استيعاب إهانتها له
(فداكم روحي ايها المقاومون * مشاعر كاتبة )
كان هادئًا لطيفًا حنونا عليها ..
ووعدها أنه في المرة القادمة وبما ان الوضع ان شاء الله قد تحسن في الجنوب
والاحداث تجري في صالحهم ..
سوف يأخذ إجازة لمدة شهر يمضيها بقربها وقرب محمد
" محمد هذا الصغير الذي يعتصر قلب ثائر من الم الشوق له ولرؤيته .. فكم كان يضنيه فكرة ان ابنه يكبر بعيدا عنه ولا يتمكن من مشاهدته ومشاهدة شقاوته ولكن هناك ما هو أهم "
فرحت هبة بوعد ثائر وخجلت قليلا من نفسها فهي تقابله بالإساءة وهو يرد عليها بالإحسان
اوصلها ثائر الى منزل اهله ..
ونزل ليشاركهم وجبة الغداء قبل رحيله ..
وهم مازالوا واقفين امام باب المنزل جاء ياسر حاضن زوجته وماسك يدها ..
أخبرهم ياسر انهما كانا عند الطبيب ..
ونسرين حامل في بداية الشهر الثاني .
.وسوف يهديها بالمناسبة سيارة " موديل السنة "
نظرت هبة نظرت أسى الى وجه ثائر
الذي لم يهتم ولم يعلق بل كان منشغلا بإطعام محمد الذي يجلس في حضنه .
انهى الجميع وجبة الغداء ..
ومن ثم انتقلوا الى المجلس لشرب الشاي ..
ولكن ثائر اعتذر فالوقت داهمه وامامه طريق طويل الى المنطقة الجنوب البعيدة نسبيا عن مكان إقامتهم
ودع زوجته وقبل طفله ومسح على رأسه .. ورحل ..
" كم مرة رحل ثائر في هذه القصة "
كانت الدموع قد تجمعت في عيني هبة
ومنعتهم من السقوط امام زوجها ..
ولكنها ما ان دخلت الى المجلس حيث يجتمع الجميع ..
ورأت نسرين متمددة واضعة رأسها على فخذ ياسر وهو بدور يلعب بشعرها ويطعمها حبات العنب ..
حتى انهارت وبدأت في البكاء
وأخذت تواسيها بأطيب و ارق الكلام .
. ولكن اوجاع الروح لا تطيب بسهولة ..
ولا دواء لها .. الا عند بارئها ..
فاسمه دواء .. وذكره شفاء .. وطاعته غنى .. ولكنها ابتعدت عن طبيب القلوب .. والذي بذكره تطمئن .. وترتاح ..
بعد مضي القليل من الوقت هدأت .. ولكنها كانت تشعر بالإعياء
ونامت 3 ساعات ونسرين وعمتها اهتما بالصغير ..
الذي كان معتادا عليهما فلم يسأل عن امه ..
واخذت تعد الايام لعودة ثائر ليجلس معهم شهرًا كاملًا .
. واخذت تحلم وتخطط وتنظم كيف سيمضيا هذه الفترة ..
وقالت في نفسها " سأجعله ******يوميًا .. تعويضًا عن فترة الغياب الطويلة .. وسأغرقه دلع وحركات إغراء .. سوف اعوض له واستسمح منه فكم قسوة عليه وعلى نفسي في الفترة السابقة .. سأطبخ له أشهى المأكولات .. سأغير لون شعري .. سوف استقبله استقبال ملوكي .. واجتحات ذهنها الف فكرة وفكرة وقبل ان تطير الأفكار من عقلها طارت وأخذت ورقة وقلم وبدأت بالتدوين ..
كل يوم في منزل عمتها كانت تشاهد امورا حرمت منها ولكنها كانت تواسي نفسها بأن ثائر سيعوضها ..
في احد الليالي استيقظ محمد يريد ان يشرب ولم تجد قارورة الماء .. فنزلت الى المطبخ جلبت الماء وصعدت الدرج ولكنها سمعت صوت ثائر وهبة عائدين من الخارج ولم تعرف اين كانا لا بد انهما يسهران في المنتجع الذي افتتح منذ بضعة ايام ..
كانت نسرين تحمل باقة ورد حمراء جميلة ولكن السعادة غير ظاهرة على وجهها .. او هكذا خيل إليها فالضوء كان خافتا ..
في صباح اليوم التالي .. جاء ياسر وجلب معه فطور فرنسي .. وحمله الى جناحهما ..
وعند الظهر جاء ومعه قالب كيك كبير .. وقد اقام حفلة لزوجته قدم لها هدية عبارة عن طقم الماس روعة .. وبطاقتي سفر الى ايطاليا ..
كان يوم خيالي .. هكذا اعتقدت هبة ..
وتمنت لو انها تحظى بربعه .. لو تحظى فقط بباقة الورد .. والنوم في حضن زوجها ..
مرت الأيام ببطئ شديد وهي تنتظر عودة حبيب قلبها ..
وجاء اليوم الموعود .. وطلبت من نسرين ان تقلها الى منزلها لتستقبل ثائر هناك على انفراد واقترحت نسرين عليها ان تبقي محمد معها .. ترددت هبة في البداية ولكنها عادت ووافقت ..