بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبدأ اليوم بعون الله في سرد فصة جديدة وآيات جديدة من كتاب الله الكريم
وهي قصة " المباهلة "
بعد أن بلغ الإسلام ذروته وارتفعت أعلامه في الجزيرة العربية أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله يكتب إلى قادة العالم يدعوهم إلى الإسلام والإيمان فكتب إلى كسرى وقيصر وإلى المقوقس وغيرهم من أقطاب ذلك الزمان , ووصلت الدعوة إلى نصارى نجران (1) يدعوهم فيها رسول الله إلى الإيمان بدعوته واتباع سيرته وسنته .
عقد رؤساؤهم اجتماعاً مهماً تدارسوا خلاله موقفهم من الدعوة الجديدة وتذاكروا فيما بينهم بشائر النبي عيسى عليه السلام وما كان يبشرهم به وأحبارهم ورهبانهم وما يذكرونه لهم من علامات النبوة وعلامات النبي القادم ...
التقى النصارى في نجران بعد أن بلغتهم الدعوة بظهور النبي الموعود وبعد بحث طويل وأخذ ورد قرروا أن يوفدوا عنهم وفدا يطلع عن كثب على أخبار النبي صلى الله عليه وآله وما يحمله معه من تعاليم وأحكام ثم يأتيهم بالخبر اليقين عن ذلك الحدث العظيم الذي كانوا يرتقبون قدومه وينتظرون ظهوره ...
تكوّن الوفد من ذوي الرأي والمقام الرفيع حيث ضم في عضويته أربعة عشر من أشرافهم ووجهائهم ورؤساء دينهم وأصحاب الكلمة فيهم ... كان من جملتهم كبيرهم وأميرهم واسمه عبد المسيح ويتلوه مشيرهم وصاحب رأيهم واسمه الأيهب وسلقب بالسيد والثالث حبرهم وأسقفهم والمسئول عن شؤونهم الدينية ويسمى أبو حارثة وكان برفقة أخوه ويسمى كرز ... وغيرهم من كبار رجالهم ... انطلق الوفد من نجران وهو يحمل أمنية في نفسه الغالية ... إنها أمنية اكتشاف الحقيقة في النبي الذي شاع ذكره وانتشر صيته وعمّت دعوته أرجاء الجزيرة .. سار الوفد حتى وصل إلى المدينة المنورة ولم يجد فيها أحسن من مساجدها مقصداً حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقيم بجانبه ...
دخلوا المسجد فرحب بهم رسول الله لِما لهم من صلة بالأنبياء وعلى عادته الكريمة في احترام الناس ومداراتهم .
وتقول الرواية أنه لما حانت صلاتهم ضربوا بالناقوس في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وصلّوا فيه فأراد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن منعوهم فردهم النبي صلى الله عليه وآله وسمح لهم بممارسة عبادتهم وما جرت عليه عادتهم وانتهت عبادتهم واستقر بهم المقام ثم أخذوا يجادلون رسول الله صلى الله عليه وآله ويحاورونه في عيسى : فتارة يدّعون أنه الرب وأخرى انه الأبن وثالثة أنه ثالث ثلاثة ورسول الله يفنّد دعواهم ويبدد ما يدّعون ويقولون وتنزل الآيات الواحدة تلو الأخرى تبيّن بطلان ما يذهبون إليه حتى وصل بهم الأمر في خلال استعراضهم لأدلتهم على ربوبية عيسى أن قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله : هل رأيت إنساناً يتكون من غير أب ؟!.. إن عيسى تكوّن كذلك فهو ابن الله ؟...
وهنا قطع الله حجتهم وألقمهم حجراً حيث لقّن الله نبيه نصّاً واضحاً بأن دعواكم ربوبية عيسى أو بنوّته لله إنما كانت لعدم وجود أب له وهذا لو صح لكان آدم الذي خلقه الله تعالى من غير أب ولا أم أولى بالنبوة من عيسى وأنزل الله في ذلك قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (2)
* 1 : نجران = بلدة في مخاليف اليمن من ناحية مكة
* 2: سورة آل عمران , الآية : 59
إنتظرن الجزء الثاني من القصة ومزيد من الأحداث ^_^